على الشيء : الدلالة الوضعية لا العقلية ، ودلالة الفعل على المكان عقلية لا وضعية ، ومع هذا ، فهو يدل عقلا على مطلق المكان لا على مبهم المكان ، بالتفسير الذي فسّره.
قوله : «ولفظ مكان» ، وكذا لفظ الموضع والمقام ونحوه بالشرط المذكور في الكل وهو انتصابه بما فيه معنى الاستقرار.
وقوله «وما بعد دخلت» ، اعلم أن دخلت وسكنت ونزلت ، تنصب على الظرفية كلّ مكان دخلت عليه ، مبهما كان ، أو ، لا ، نحو : دخلت الدار ، ونزلت الخان ، وسكنت الغرفة ، وذلك لكثرة استعمال هذه الأفعال الثلاثة فحذف حرف الجر ، أعني «في» معها في غير المبهم أيضا ، وانتصاب ما بعدها على الظرفية عند سيبويه ؛ وقال الجرمي : دخلت : متعدّ ، فما بعده مفعول به لا مفعول فيه ؛ والأصح أنه لازم ، ألا ترى أن غير الأمكنة بعد «دخلت» يلزمها «في» نحو : دخلت في الأمر ، ودخلت في مذهب فلان ؛ وكثيرا ما تستعمل «في» مع الأمكنة أيضا بعده ، نحو : دخلت في البلد ، وكذا نحو قوله تعالى : (وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ)(١) ، وقولك : نزلت في الخان.
وكون مصدر «دخلت» على الدخول ، والفعول في مصادر اللازم أغلب وكونه ضد «خرجت» ، وهو لازم اتفاقا ، يرجحان كونه لازما ، فمن ثمّ ، قال : على الأصح.
وأما نحو : ذهبت الشام ، فانتصاب الشام على الظرفية اتفاقا ، لأن «ذهبت» لازم ، وهو شاذ ، وكذا قوله :
١٦٢ ـ فلأبغينكم قنا وعوارضا |
|
ولأقبلنّ الخيل لابة ضرغد (٢) |
أي : في قنا وفي عوارض ، وهما موضعان ؛ ومثله قوله :
__________________
(١) الآية ٤٥ من سورة ابراهيم.
(٢) قنا ، وعوارض ، مكانان ، والمعنى : لا طلبنكم في هذين المكانين. ولابة ضرغد مكان كذلك ، أي لأجعلن الخيل ، أو الفرسان الراكبين عليها تصير قبالتها ، وروي : ولاوردنّ الخيل ، والبيت من شعر عامر بن الطفيل ، قاله بعد موقعة انهزم فيها هو وقومه في يوم سمي : يوم الرقم ، وهو من أيام العرب.