وقد ينجر «متى» بإلى ، وحتى أيضا ، وينجر «أين» بإلى أيضا مع عدم تصرفهما ، و «من» الداخلة على الظروف غير المتصرفة : أكثرها يمعنى «في» نحو : جئت من قبلك ومن بعدك ، و : (مِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ)(١) ، وأما نحو : جئت من عندك ، و : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ)(٢) فلابتداء الغاية ؛
والمتصرف من الظروف : ما لم يلزم انتصابه بمعنى «في» أو انجراره بمن ؛ فمن الأول أكثر الظروف المبنية لزوما ، كإذ ، وإذا ، على تفصيل يأتي في الظروف المبنية ، وكصباح مساء ، ويوم يوم ، كما يجيء في المركبات ؛ وقد يجيء حيث و «إذ» ، متصرفين ، نحو : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ)(٣) ، وقوله تعالى : (بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ)(٤) ؛
ومن المعربة غير المتصرفة : بعيدات بين (٥) ، وذات مرة ، وذات يوم ، وذات ليلة ، وذات غداة ، وذات العشاء ، وذات الزمين ، وذات العويم ، وذا صباح ، وذا مساء ، وذا صبوح ، وذا غبوق ، فهذه الأربعة بغير تاء ، وإنما سمع في غير هذه الأوقات ، ولا يقاس عليه : ذات شهر ، ولا ذات سنة ؛ وهذه كلها تلزم الظرفية في غير لغة خثعم» ، وهم يصرّفونها قال شاعرهم :
١٦٤ ـ عزمت على إقامة ذي صباح |
|
لأمر ما يسوّد من يسود (٦) |
__________________
(١) الآية ٥ من سورة فصلت.
(٢) الآية ٥ من سورة مريم.
(٣) الآية ١٢٤ من سورة الأنعام. وهكذا أوردها الرضى بصفة الجمع وهي قراءة نافع أحد القراء السبعة.
(٤) الآية ٨٧ من سورة القصص.
(٥) سيذكر الشارح أن تفسيرها سيأتي في الظروف المركبة من هذا الكتاب. وفي باب الاضافة بالنسبة لبعضها ، وسيشرح ما لم يذكر في البابين المذكورين.
(٦) البيت منسوب إلى أنس بن مدركة الخنقمي. ولذلك يقول الشارح كما قال شاعرهم وهو من أبيات حماسية ، أولها :
دعوت بني قحافة فاستجابوا |
|
فقلت ردوا فقد طاب الورود |
وبعد أن أورد البغدادي هذه الأبيات ، وبيت الشاهد آخرها ، استبعد أن يكون البيت المستشهد به مرتبطا بما قبله.