فجوّز ، أيضا ، جئتك اليوم اكراما لك غدا ، بتقدير المضاف المذكور ، بل جوّز : جئتك سمنا ولبنا.
فظهر أن المفعول له هو الظاهر ، لا المقدر المضاف ؛ فنقول : المفعول له على ضربين : إما أن يتقدم وجوده على مضمون عامله ، نحو قعدت جبنا ، فهو من أفعال القلوب ، كما قالوا ، وإما أن يتقدم على الفعل تصورا أي يكون غرضا ، ولا يلزم كونه فعل القلب ، نحو : ضربته تقويما ، وجئته اصلاحا.
قال المصنف : وإنما شرط لجواز حذف اللام الشرطان المذكوران لأن علة الأفعال كثيرا ما تجيء جامعة للشرطين ، فصارت مع الشرطين ظاهرة مشهورة في العلية ، والغرض أن يكون هناك ما يدل على اللام المقدرة المفيدة للعلية ؛ وحصول الشرطين دليل عليها.
ويعزى إلى الرياشي (١) وجوب تنكير المفعول له لمشابهته للحال والتمييز.
وبيت العجاج (٢) قاض عليه ، وكذا قول حاتم :
١٧١ ـ وأغفر عوراء الكريم ادخاره |
|
وأعرض عن شتم اللئيم تكرما (٣) |
وكذا قوله تعالى : (حَذَرَ الْمَوْتِ)(٤).
وقال الجزولي (٥) : إذا انجرّ باللام وجب تعريفه ، فلا يقال جئتك لا كرام لك ، ومنعه الأندلسي (٦) ، وقال لا أرى منه مانعا.
__________________
(١) هو أبو الفضل العباس بن الفرج ، ولقبه (الرياشي) سرى إليه من أبيه الذي كان مولى لرجل (اسمه رياش) وهو من متقدمي النحاة من طبقة الجرمي والمازني ، مات مقتولا في سنة ٢٥٧ ه.
(٢) وهو قوله مخافة وزعل المحبور والهول من تهور الهبور وتقدم في هذا الباب.
(٣) هذا البيت من قصيدة طويلة لحاتم الطائي تحدث فيها عن الكرم وكثير من مكارم الأخلاق التي يتحلى بها الإنسان. وآخرها قوله :
فذلك أن يهلك فحسنى ثناؤه |
|
وان عاش لم يقعد ضعيفا مدمّما |
(٤) الآية ١٩ من سورة البقرة ، وتقدمت قبل قليل.
(٥) الجزولي والأندلسي تقدم ذكرهما كثيرا.
(٥) الجزولي والأندلسي تقدم ذكرهما كثيرا.