وقال الجرمى (١) : انقلابها هو الاعراب ، وأما هي ، فاما لام ، أو عين ، فعلى قوله ، لا يكون في الرفع اعراب ظاهر ، وهو ضعيف ، لدلالة الواو في الظاهر على الفاعلية كالضمة ؛
وقال أبو علي (٢) : انها حروف اعراب ، وتدل على الاعراب ؛ فإن أراد أنها كانت حروف اعراب يدور الاعراب عليها ، ثم جعلت كالحركات ، فذلك ما اخترنا ؛ وان أراد أن الحركات مقدرة الآن مع كونها كالحركات الاعرابية ، فهو ما حمل المصنف كلام سيبويه عليه ؛ (٣)
وقال المصنف : ان الواو ، والألف ، والياء ، مبدلة من لام الكلمة في أربعة منها ، ومن عينها في الباقيتين ، لأن دليل الاعراب لا يكون من سنخ الكلمة (٤) ، فهي بدل ، يفيد ما لم يفده المبدل منه وهو الاعراب ، كتاء في «بنت» ، تفيد التأنيث بخلاف الواو التي هي أصلها ، ولا يبقى: «ذو» و «فوك» على حرف ، لقيام البدل مقام المبدل منه ؛
هذا آخر كلامه ؛ ويقال عليه : أي محذور يلزم من جعل الاعراب من سنخ الكلمة لغرض التخفيف ، فيقتصر على ما يصلح للاعراب من سنخها كما اقتصر في المثنى والمجموع على ما يصلح للاعراب من سنخهما ، أعني علامة التثنية والجمع ، اذ هي من سنخ المثنى والمجموع ؛
ثم نقول : (٥)
انما جعل اعرابها بالحروف الموجودة ، دون الحركة ، على ما اخترنا ، توطئة لجعل اعراب المثنى والمجموع بالحروف ، لأنهم علموا أنهم يحوجون (٦) إلى اعرابها بها ، لاستيفاء
__________________
(١) الجرمي : أبو عمر صالح بن اسحاق ، وكان معاصرا للمازني وشاركه في الأخذ عن شيوخ البصرة توفي سنة ٢٢٥ ه.
(٢) أبو علي : الحسن بن أحمد الفارسي أستاذ ابن جني وينقل الرضى عنه كثيرا توفي سنة ٣٧٧ ه.
(٣) أي وقد أبطلناه فيما تقدم.
(٤) من سنخ الكلمة أي من أصلها وجوهرها.
(٥) هذا ما أشار اليه من قبل بقوله : وسنشيّد هذا الوجه ص ٧٦.
(٦) يحوجون بالبناء للمجهول أي تدفعهم الحاجة.