وهذا قريب من قول الكوفيين في الأسماء الستة ، والكلام عليه ما مر هناك (١) ،
فان قيل : علامة الاعراب لا تكون الا بعد تمام الكلمة ، وأنتم اخترتم في الأسماء الستة وفي المثنى والمجموع حصولها قبل تمام حروفها ،
فالجواب أن حقّ اعراب الكلمة أن يكون بعد صوغها وحصولها بكمال حروفها وفي آخرها ، لما تقدم من أن الاعراب دال على صفات الكلمة ، فيكون بعد ثبوتها ، فان كان بالحركات فلا بدّ أن يكون على حرفها الأخير ، ومحل الحركة بعد الحرف ، كما مر ، فتكون الحركة بعد جميع حروف الكلمة ،
وأما إذا كان بالحروف التي هي من سنخ الكلمة ، فلا بد أن يكون الحرف آخر حروفها ، ويكون الاعراب بها أيضا بعد ثبوت جميع حروف الكلمة لأنها انما تجعل اعرابا بعد ثبوت كونها آخر حروف الكلمة ؛
أما نون المثنى والمجموع ، فالذي يقوي عندي ، أنه كالتنوين في الواحد في معنى كونه دالّا على تمام الكلمة ، وانها غير مضافة ، لكن الفرق بينهما ان التنوين مع افادته هذا المعنى يكون على خمسة أقسام ، كما مر (٢) ، بخلاف النون ، فانه لا يشوبها من تلك المعاني شيء ؛
وانما يسقط التنوين مع لام التعريف لاستكراه اجتماع حرف التعريف مع حرف يكون في بعض المواضع علامة للتنكير ، ولا تسقط النون معها ، لأنها لا تكون للتنكير ؛
وكذا يسقط التنوين للبناء في نحو : «يا زيد» و «لا رجل» ، بخلاف النون في نحو : «يا زيدان» و «يا زيدون» و «لا مسلمين» و «لا مسلمين» ، لأنها ليست للتمكن كالتنوين ؛
__________________
(١) ص ٧٧ من هذا الجزء.
(٢) ص ٤٥ من هذا الجزء.