قوله «ويجوز الحذف فى نحو سيّد وميّت وكيّنونة وقيّلولة» فيه نظر ، وذلك لأن الحذف جائز فى نحو سيّد وميّت ، واجب فى نحو كيّنونة ، إلا فى ضرورة الشعر ، قال :
١٤٧ ـ يا ليت أنّا ضمّنا سفينه |
|
حتّى يعود الوصل كيّنونه (١) |
اعلم أن نحو سيّد وميّت عند سيبويه فيعل ـ بكسر العين ـ وكينونة وقيلولة ـ عنده كيّنونة وقيّلولة ـ بفتح العين ـ على وزن عيضموز (٢) إلا أن اللام مكررة فى كيّنونة والتاء لازمة ، ولما لم يوجد فى غير الأجوف بناء فيعل ـ بكسر العين ـ ولا فيعلولة فى المصادر حكم بعضهم بأن أصل سيد وميت فيعل ـ بفتح العين ـ كصيرف
__________________
الساكنين ، فالخليل وسيبويه يزعمان أن المحذوفة هى الألف التى تلى آخر الحرف ، وهى نظيرة واو مفعول فى مقول ومخوف ، وأبو الحسن يرى أن موضع العين هو المحذوف ، وقياسه ما ذكرت لك» ا ه. ولأبى السعادات هبة الله بن الشجرى بحث مستفيض فى أماليه ذكره فى المجلس الحادى والثلاثين ثم عاد له مرة أخرى فى المجلس السادس والأربعين ، وقد ذكر فيه حجة سيبويه والخليل وحجج الأخفش ثم رجح مذهب الشيخين ونقض أدلة المخالف لهما فانظره فى الموضع الذى ذكرناه ، ولم يمنعنا من نقله إلا فرط طوله
(١) هذا البيت من الرجز أنشده المبرد وابن جنى وابن برى ، وذكر المبرد قبله :
قد فارقت قرينها القرينه |
|
وشحطت عن دارها الظّعينه |
وقرينها : مفعول مقدم على الفاعل ، والقرينة : الزوجة ، وشحطت : بعدت ، والظعينة : المرأة ما دامت فى الهودج ، والمراد هنا المرأة مطلقا ، وكينونة : مصدر كان ، والاستشهاد بالبيت فى قوله «كينونة» بتشديد الياء مفتوحة فان هذا يدل على أن الكينونة ـ بسكون الياء ـ مخفف منه ، ووجه الدلالة على هذا أن الشاعر لما اضطر راجع الأصل المهجور.
(٢) العيضموز : العجوز والناقة الضخمة انظر (ح ١ ص ٢٦٣)