ما سبق من كون الحركة بعد الحرف ، ولم يذكر سيبويه فى مثله ترك الإمالة ، وذكر غيره أنه ذهب بعضهم إلى امتناع الإمالة ؛ لأجل حروف الاستعلاء ، وإن كانت مكسورة ، قالوا : وهو قليل ، والإمالة أكثر ، وكذا الإمالة فى نحو «قزحا» (١) كثيرة ، وأما إن كانت حروف الاستعلاء متحركة بغير الكسرة كغوالب وصمات (٢) وخفاف (٣) فإنها تمنع الإمالة ؛ لأنك إنما تتلفظ بالفتحة والألف بعد ثبوت حرف الاستعلاء الطالب للفتح بلا كسر بينها وبين الفتح ، كما كان فى قفاف ، وفى تلك الحال طالب الإمالة ـ أعنى الكسر ـ معدوم متوقع ، ومناسبة الصوت لصوت داخل فى الوجود أولى من مناسبته للمتوقع وجوده ، وأما إن كانت حروف الاستعلاء ساكنة قبل حرف الألف بعد الكسرة ، نحو : مصباح ومقلاع ومخدام ومطعان ، فبعض العرب لا يعتد بحرف الاستعلاء لكونه بالسكون كالميت المعدوم فيميل ، وبعضهم يعتد به ؛ لكونه أقرب إلى الألف من
__________________
(١) القزح ـ بكسر القاف وسكون الزاى ـ : بزر البصل ، والتابل الذى يطرح فى القدر كالكمون والكزبرة ، ومراد المؤلف أنه يجوز إمالة ألفه المبدلة من التنوين وقفا فى حالة النصب ؛ لأن الكسرة بعد حرف الاستعلاء ، فلا أثر لحرف الاستعلاء ، ولا يضر الفصل بين الكسرة والألف بحرفين ؛ لأن أحدهما ساكن ؛ فهو نظير شملال ، وفى النسخ الخطية «قرحاء» بالقاف والراء والحاء ممدودا ، وهو تصحيف ؛ لأن أوله مفتوح ، ويدل على أن المراد ما أثبتناه قول سيبويه (ح ٢ ص ٢٦١) «وقالوا رأيت قزحا ، وهو أبزار القدر ، ورأيت علما ، فيميلون ، جعلوا الكسرة كالياء» ا ه
(٢) الصمات ـ كغراب ـ : الصمت ، وفى الحديث «وإذنها صماتها» أى أن إذن البكر سكوتها
(٣) الخفاف ـ كغراب ـ : الخفيف ، وفعال يشارك فعيلا فى باب الصفة المشبهة كثيرا ؛ إلا أن فى فعال من المبالغة أكثر مما فى فعيل ، ومن ذلك طويل وطوال ، وشجيع وشجاع ، وعجيب وعجاب