صوته شيئا قليلا ، فكأنك وقفت على الحاء ، وأما اللام فمخرجها ـ أعنى طرف اللسان ـ لا يتجافى عن موضعه من الحنك عند النطق به ، فلا يجرى منه صوت ، لكنه لما لم يسدّ طريق الصوت بالكلية كالدال والتاء بل انحرف طرف اللسان عند النطق به خرج الصوت عند النطق به من مستدقّ اللسان فويق مخرجه ، وأما الميم والنون فإن الصوت لا يخرج من موضعيهما من الفم ، لكن لما كان لهما مخرجان فى الفم وفى الخيشوم جرى به الصوت من الأنف دون الفم ؛ لأنك لو أمسكت أنفك لم يجر الصوت بهما ، وأما الراء فلم يجر الصوت فى ابتداء النطق به ، لكنه جرى شيئا لانحرافه وميله إلى اللام ، كما قلنا فى العين المائلة إلى الحاء ، وأيضا الراء مكرر ، فاذا تكرر جرى الصوت معه فى أثناء التكرر ، وكذلك الواو والياء والألف لا يجرى الصوت معها كثيرا ، لكن لما كانت مخارجها تتسع لهواء الصوت أشد من اتساع غيرها من المجهورة كان الصوت معها يكثر فيجرى منه شىء ، واتساع مخرج الألف لهواء صوته أكثر من اتساع مخرجى الواو والياء لهواء صوتهما ، فلذلك سمى الهاوى :
أى ذات الهواء ، كالناشب (١) والنابل (٢) ، وإنما كان الاتساع للألف أكثر لأنك تضم شفتيك للواو فيتضيق المخرج وترفع لسانك قبل الحنك للياء ، وأما الألف فلا تعمل له شيئا من هذا ، بل تفرج المخرج ؛ فأوسعهن مخرجا الألف ، ثم الياء ، ثم الواو ، وهذه الحروف أخفى الحروف ؛ لاتساع مخارجها ، وأخفاهن الألف ؛ لأن سعة مخرجها أكثر
__________________
(١) الناشب : صاحب النشاب ، والنشاب ـ كرمان ـ : النبل ، والواحدة نشابة ـ كرمانة ـ
(٢) النابل : صاحب النبل ، أو صانعه مثل النبال ، والنبل : السهام ، ولا واحد له من لفظه ، ويقال : واحده نبلة