وربما قدمت الهمزة التى لو بقيت بحالها لكان تخفيفها بالحذف ؛ استكراها للحذف ؛ فيقال فى يسألون : يأسلون ؛ لأن تخفيفها إذن بالقلب لا بالحذف ، قال :
١٣٠ ـ إذا قام قوم يأسلون مليكهم |
|
عطاء فدهماء الّذى أنا سائله (١) |
ومثله فى ييأس ياءس.
رجعنا إلى ما أصّلنا ؛ فنقول : وإن كانت الهمزة بعد الألف وقصدت التخفيف لم يجز الحذف إلا على اللغة القليلة التى ذكرنا ، نحو يشا فى يشاء ؛ لأن
__________________
جلد. ، وقيل : من خشب ، ويجمع على علب أيضا ، وعليه قول جرير :
لم تتلفّع بفضل مئزرها |
|
دعد ولم تسق دعد فى العلب |
والاستشهاد بالبيت فى قوله «هل ريت» على أن أصله هل رأيت ؛ فحذف الهمزة التى هى عين الفعل تشبيها لهل الاستفهامية بالهمزة لاشتراكهما فى المعنى ، ورواه فى اللسان
«*صاح يا صاح هل سمعت براع*»
ورواه صاحب الأغانى
«*صاح أبصرت أو سمعت براع*»
ولا شاهد فى البيت على الروايتين لما نحن بصدده ، ولكن فى رواية الأغانى حذف همزة الاستفهام ، وأصله «صاح أأبصرت» كما حذفها الكميت بن زيد الأسدى فى قوله :
طربت وما شوقا إلى البيض أطرب |
|
ولا لعبا منّى وذو الشّيب يلعب |
أراد «أو ذو الشيب يلعب» فحذف الهمزة ؛ بدليل أنه يروى «أذو الشيب يلعب».
(١) هذا بيت من الطويل ، ولم نقف له على خبر ، ولا على نسبة ، ولا على سابق أو لاحق ، ودهماء : علم ، يجوز أن يكون لأنسان ، أو لفرس ، وهو خبر مقدم ، والاسم الموصول بعده مبتدأ مؤخر ، وجملة «أنا سائله» لا محل لها صلة ، والاستشهاد بالبيت فى قوله «يأسلون» على أن أصله يسألون فقدم الهمزة التى هى عين الفعل على فاء الفعل استكراها لتخفيفها بالحذف