بالتّجارى والتّحارب ، بخلاف الياء فى نحو ييسر وييئس ، وقد جاء يئس ، وجاء ياءس كما جاء ياتعد ، وعليه جاء موتعد وموتسر فى لغة الشّافعىّ ، وشذّ فى مضارع وجل ييجل وياجل وييجل ، وتحذف الواو من نحو العدة والمقة ، ونحو وجهة قليل»
أقول : اعلم أن الفعل فرع على الاسم فى اللفظ كما فى المعنى ؛ لأنه يحصل بسبب تغيير حركات حروف المصدر ؛ فالمصدر كالمادة والفعل كالمركب من الصورة والمادة ، وكذا اسم الفاعل والمفعول والموضع والآلة ، وجميع ما هو مشتق من المصدر ، وعادتهم جارية بتخفيف الفروع كما ظهر لك فيما لا ينصرف ؛ لأنها لاحتياجها إلى الأصول فيها ثقل معنوى ؛ فخففوا ألفاظها تنبيها عليه ، وفى الفعل ثقل من وجه آخر وهو أن ثلاثيه ـ وهو أكثره ـ لا يجىء ساكن العين ، وأنه يجر عيالا كالفاعل ضرورة ، والمفعول والحال والتمييز كثيرا ، وأيضا يتصل بآخر الفعل كثيرا ما يكون الفعل معه كالكلمة الواحدة ـ أعنى الضمائر المتصلة المرفوعة ـ والمضارع فرع الماضى بزيادة حرف المضارعة عليه ؛ فلذا يتبع الماضى فى الإعلال كما سنبين ، والأمر فرع المضارع ؛ لأنه أخذ منه على ما تقدم ؛ فعلى هذا صار الفعل أصلا فى باب الإعلال ؛ لكونه فرعا ولثقله ، ثم تبعه المصدر الذى هو أصله فى الاشتقاق كالعدة والإقامة والاستقامة والقيام ، وسائر الأسماء المتصلة بالفعل كاسم الفاعل والمفعول والموضع كقائم ومقيم ومقام على ما سيتبين بعد ، وخفف المضارع لأدنى ثقل فيه ، وذلك كوقوع الواو فيه بين ياء مفتوحة وكسرة : ظاهرة كما فى يعد ، أو مقدرة كما فى يضع ويسع ؛ فحذف الواو لمجامعتها للياء على وجه لم يمكن معه إدغام إحداهما فى الأخرى كما أمكن فى طىّ ، ولا سيما مع كون الكسرة بعد الواو ، والكسرة بعض الياء ، ومع كون حركة ما قبل الواو غير موافقة له كما وافقت فى يوعد مضارع أوعد ، وإنما حذفت الواو دون الياء لكونها أثقلهما ، مع أن الياء علامة المضارعة ، وأن