الثقل حصل من الواو ؛ لكونها الثانية ، ثم تحذف الواو مع سائر حروف المضارعة من تعد وأعد ونعد ؛ طردا للباب ، والأمر مأخوذ من المضارع المحذوف الواو نحو تعد ؛ ولو أخذناه أيضا من توعد الذى هو الأصل لحذفناها أيضا ؛ لكونه فرعه.
وأما المصدر فلما كان أصل الفعل فى الاشتقاق لم يجب إعلاله باعلال الفعل ، إلا إذا كان جزء مقتضى الإعلال فيه ثابتا كالكسرة فى قيام ، أو كان مناسبا للفعل فى الزيادة المصدرة كإقامة واستقامة ، فلهذا جاز حذف الواو من مصدر يعد وإثباتها نحو عدة ووعد ؛ إذ ليس فيه شىء من علة الحذف ولا المناسبة المذكورة ، وإذا حذفت منه شيئا بالإعلال لم تذهل عن المحذوف رأسا ؛ بل تعوض منه هاء التأنيث فى الآخر كما فى عدة واستقامة ، وذلك لأن الإعلال فيه ليس على الأصل ؛ إذ هو إتباع الأصل للفرع ، وإنما كسر العين فى عدة وأصله وعد لأن الساكن إذا حرك فالأصل الكسر ، وأيضا ليكون كعين الفعل الذى أجرى هو مجراه (١) ؛ فلهذا لم يجتلب همزة الوصل بعد حذف الفاء ، وإذا فتحت العين فى المضارع لحرف الحلق جاز أن يفتح فى المصدر أيضا ، نحو يسع سعة ، وجاز فى بعضها أن لا يفتح نحو يهب هبة ، وقولهم فى الصّلة صلة بالضم شاذ ، وقد يجرى مصدر فعل يفعل ـ بضم عينهما ـ إذا كان اللام حلقيا مجرى مصدر يسع ، نحو ودع (٢)
__________________
(١) هذا الذى ذهب إليه المؤلف غير ما ذهب إليه أكثر النحويين ، فانهم ذكروا أن أصل عدة وعد ـ بكسر الواو ـ فحذفت الواو ونقلت كسرتها إلى الساكن بعدها ، وعوضت منها التاء ، يدل على هذا أنهم قالوا : وتره وترا ووترة ـ بكسر الواو ـ حكاه أبو على فى أماليه. قال الجرمى : ومن العرب من يخرجه على الأصل فيقول : وعدة ووثبة أى بالكسر
(٢) يقال : ودع الرجل ، إذا سكن واستقر ولان خلفه ، فهو وادع ووديع