سمات هذه العصور عند التعريف بالعالم ذكر مذهبه الدّينى إلى جانب اسمه ، ولقبه ، وكنيته ، ونسبه.
ونجد الصلاح الصفدى فى «الوافى بالوفيات» (١) ، وابن شاكر الكتبىّ فى «فوات الوفيات» ، والسيوطى فى «بغية الوعاة» (٢) يطالعوننا أن ابن مالك انفرد عن المغاربة بشيئين : الكرم ، ومذهب الشافعى ، ولا شك أن هذا أثر من آثار هذه الرحلة.
أضف إلى ذلك أيضا تأثر ابن مالك فى أسلوبه وطريقته فى التصنيف والتبويب بالبيئة المشرقية وبالطريقة الفاضلية التى ابتدعها القاضى الفاضل التى تمتاز بالاعتماد على المحسنات البديعية من السجع ، والجناس ، والتورية ، خاصة.
دراساته وأساتذته بالمشرق :
قد سبق القول بأن دراسة ابن مالك بدأت ببلده على عادة أهل العصر بقراءة القرآن ، ودراسة القراءات واللغة ، والنّحو والفقه والحديث ، وقد مضت الإشارة أيضا إلى أنه تلقى دراسته الأولى بالأندلس على يد ثابت بن خيار من كبار النحاة والمقرئين ، وأبى على الشّلوبين من كبار النحاة واللغويين.
أما فى المشرق فيظهر أن دراسته المنظمة لم تبدأ إلا فى دمشق عند نزوله بها أوّل مرة قبل رحيله إلى حماة ، ثم حلب ، وبعلبك من بلاد الشام ، ثم عودته واستقراره فى دمشق آخر الأمر (٣).
ونحن بصدد الحديث عن دراسات ابن مالك نذكر ما قاله صاحب «نفح الطّيب» عند ما عرض لدراسات ابن مالك فقد ذكر أنه صرف همته إلى إتقان لسان العرب حتى بلغ فيها الغاية ، وأربى على المتقدمين ، وكان إماما فى القراءات ، وعالما بها ، وصنف فيها قصيدة دالية فى قدر الشاطبية. وأما اللغة فكان إليه المنتهى فيها. قال الصفدى : أخبرنى أبو الثناء محمود تلميذ ابن مالك قال : ذكر ابن مالك ما انفرد به صاحب «المحكم» عن الأزهرى فى كتابه «تهذيب اللغة» ، وهذا أمر معجز ؛ لأنه يحتاج إلى معرفة ما فى الكتابين. وأما النحو والتصريف ، فكان فيهما بحرا لا يشق
__________________
(١) الوافى بالوفيات ٣ / ٣٥٩.
(٢) بغية الوعاة ٢ / ٣٥١ ، ٣٥٢.
(٣) بغية الوعاة ١ / ٢٣١.