لجه. وأما اطّلاعه على أشعار العرب التى يستشهد بها على النحو واللغة ، فكان أمره فيها عجبا ، وكان الأئمة الأعلام يتحيرون فى أمره. وأما اطّلاعه على الحديث فكان فيه آية ؛ لأنه كان أكثر ما يستشهد بالقرآن ، فإن لم يكن فيه شاهد ، عدل إلى الحديث فإن لم يجد فيه شاهدا ، عدل إلى أشعار العرب.
وخلاصة القول فى دراسات ابن مالك ؛ أنها كانت دراسات واسعة ومتنوعة شملت كل ما عرفه العصر من علوم القرآن والحديث واللغة.
وأما شيوخه وأساتذته بالمشرق :
ففى دمشق عند نزوله بها أول مرة تلمذ ابن مالك ل : العلم السّخاوىّ أبى الحسن علم الدين على بن محمد بن عبد الصمد السخاوى ، النحوى ، المقرى ، الشافعى ، كان محقّقا ، بصيرا بالقراءات وعللها ، إماما فى النحو واللغة والتفسير ، عالما بالفقه وأصوله ، طويل الباع فى الأدب مع التواضع والدين والمودة وحسن الخلق ، مليح المحاورة ، حلو النادرة ، حاد القريحة ، مطرح التكليف ، أخذ عن الشاطبى ، والتاج الكندى ، وقد تصدى للإقراء بجامع دمشق ، وازدحم عليه الطلبة ، ولم يكن له شغل إلا العلم.
وله نظم فى الطبقة العليا ، وألّف فى القراءات ، ونظم فى الألغاز اللغوية والنحوية ، وتوفى بدمشق سنة : (٦٤٣ ه).
وسنلحظ تأثر ابن مالك به فى الإكثار من النظم ، والتأليف فى القراءات ، ونظم الألغاز اللغوية والنحوية.
وقد ذكر الصلاح الصفدى فى «الوافى بالوفيات» (١) ، أن ابن مالك سمع بدمشق من :
ابن صبّاح : أبى صادق الحسن بن صباح ، المخزومى ، المصرى الكاتب ، كان أديبا ، ديّنا ، صالحا جليلا ، توفى سنة (٦٣٢ ه).
ومكرّم : وهو أبو الفضل نجم الدين مكرم بن محمد بن حمزة بن محمد ، المسند ، القرشى الدمشقى ، كان عالما ، محدثا ، فاضلا ، توفى سنة ٦٣٥ ه.
ويبدو أن ابن مالك ، وهو بدمشق سمع بابن يعيش الحلبى فواصل الرحلة إليه ،
__________________
(١) الوافى بالوفيات ٣ / ، ٣٥٩ ، ٣٦٠.