__________________
وقرئ شاذا : قل أعوذ برب النات إلى آخرها [الناس : ١ ـ ٦] يريد شرار الناس ولا أكياس فأبدل ، ولما أبدل السين تاء خاف من التباسها بحرف التمنى فقلب الياء ألفا فبقيت تاء «لات» وهو من الاكتفاء بحرف العلة ، لأن حرف العلة لا يبدل ألفا إلا بشرط منها أن يتحرك ، وأن ينفتح ما قبله فيكون «حين مناص» خبرها والاسم محذوف على ما تقدم والعمل هنا بحق الأصالة لا الفرعية.
وقرأ عيسى بن عمر : ولات حين مناص بكسر التاء وجرّ «حين» ، وهى قراءة مشكلة جدا ، زعم الفراء أن لات يجر بها وأنشد :
ولتندمنّ ولات ساعة مندم
وأنشد غيره :
طلبوا صلحنا ولات أوان
وقال الزمخشرى : ومثله قول أبى زبيد الطائى :
طلبوا صلحنا ...
البيت. قال : فإن قلت : ما وجه الجر فى أوان؟.
قلت : شبّه بإذ فى قوله :
وأنت إذ صحيح
فى أنه زمان قطع عنه المضاف إليه وعوض منه التنوين لأن الأصل : ولات أوان صلح. فإن قلت : فما تقول فى «حين مناص والمضاف إليه قائم؟ قلت : نزل قطع المضاف إليه من «مناص» لأن أصله حين مناصهم ـ منزلة قطعه من حين لاتحاد المضاف والمضاف إليه وجعل تنوينه عوضا عن المضاف المحذوف ، ثم بين الجهة لكونه مضافا إلى غير متمكن. انتهى.
وخرجها أبو حيان على إضمار «من» والأصل ولات من حين مناص فحذفت «من» وبقى عملها نحو قولهم : «على كم جذع بنيت بيتك» أى من جذع فى أصح القولين.
وفيه قول آخر : أنّ الجر بالإضافة مثل قوله :
ألا رجل جزاه الله خيرا
أنشدوه بجرّ رجل أى ألا من رجل.
وقد يتأيد بظهورها فى قوله :
... |
|
وقال ألا لا من سبيل إلى هند |
قال : ويكون موضع (من حين مناص) رفعا على أنه اسم لات بمعنى ليس ، كما تقول :
ليس من رجل قائما والخبر محذوف ، وهذا على قول سيبويه ، (و) على أنه مبتدأ ـ والخبر محذوف ـ على قول الأخفش ، وخرج الأخفش ولات أوان على حذف مضاف يعنى أنه حذف المضاف وبقى المضاف إليه مجرورا على ما كان والأصل ولات حين أوان.
وقدر هذا الوجه مكى بأنه كان ينبغى أن يقوم المضاف إليه مقامه فى الإعراب فيرفع.
قال شهاب الدين : قد جاء بقاء المضاف إليه على جره وهو قسمان قليل وكثير :
فالكثير أن يكون فى اللفظ مثل المضاف نحو قوله :
أكلّ امرىء تحسبين امرءا |
|
ونار توقّد بالليل نارا |