فإن المشهور : «ملحفة جديد» ـ بلا تاء ـ و «لات حين مناص» ـ بالنصب ـ وأنشد سيبويه للفرذدق شاهدا على ذلك : [من البسيط]
فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم |
|
إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر (١) |
(ص)
وما لـ (ما) عند تميم عمل |
|
لأنّها حرف لديهم مهمل |
وبعد بالبا قد يجرّون الخبر |
|
كغيرهم وذا كثير اشتهر |
وجاء مجرورا بباء بعد (إن) |
|
ك (ما إن الله بغافل) فدن |
وجرّت البا خبرا من بعد (هل) |
|
وذو انتصار من بهذين استدلّ |
(ش) لغة بنى تميم فى تركهم إعمال «ما» أقيس من لغة أهل الحجاز ؛ كذا قال سيبويه (٢).
وهو كما قال ؛ لأن العامل حقه أن يمتاز من غير العامل بأن يكون مختصّا بالأسماء إن كان من عواملها كحروف الجر ، ومختصّا بالأفعال إن كان من عواملها كحروف الجزم ، وحق ما لا يختص كـ «ما» النافية ألا يكون عاملا.
إلا أن شبهها بـ (ليس) سوغ إعمالها إذا لم يعرض مانع من الصانع المذكورة.
وزعم أبو على أن دخول الباء الجارة على الخبر مخصوص بلغة أهل الحجاز ،
__________________
ـ أى وكل نار ، والقليل أن لا يكون كقراءة من قرأ : (وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) بجر الآخرة فليكن هذا منه. على أن المبرد رواه بالرفع على إقامته مقام المضاف ، وقال الزجاج : الأصل ولات أواننا ، فحذف المضاف إليه فوجب ألا يعرف وكسره لالتقاء الساكنين.
وقال أبو حيان : وهذا هو الوجه الذى قرره الزمخشرى أخذه من أبى إسحاق يعنى الوجه الأول وهو قوله ولات أوان صلح. هذا ما يتعلق بجر «حين» وأما كسرة لات فعلى أصل التقاء الساكنين كحين إلا أنه لا يعرف تاء تأنيث إلا مفتوحة وقرأ عيسى أيضا بكسر التاء فقط ونصب حين كالعامة وقرأ أيضا ولات حين بالرفع مناص بالفتح ، وهذه قراءة مشكلة جدا لا تبعد عن الغلط من راويها عن عيسى ؛ فإنه بمكان من العلم المانع له من مثل هذه القراءة. وقد خرجها أبو الفضل الرازى فى لوامحه على التقديم والتأخير وأن «حين» أجرى مجرى «قبل وبعد» فى بنائه على الضم عند قطعه عن الإضافة بجامع ما بينه وبينها من الظرفية الزمانية و «مناص» اسمها مبنى على الفتح فصل بينه وبينها بـ «حين» المقطوع عن الإضافة والأصل : ولات مناص حين كذا ، ثم حذف المضاف إليه حين وبنى على الضم وقدم فاصلا بين ولات واسمها قال : وقد يجوز أن يكون لذلك معنى لا أعرفه. وقد روى فى تاء «لات» الفتح والكسر والضم.
(١) تقدم تخريج هذا البيت.
(٢) ينظر : الكتاب (١ / ٥٩).