فمن هنا يتضح لنا أن ابن مالك فى هذين المصنفين : «الكافية الشافية» ، و «الوافية» قد تأثر بابن الحاجب فى تسمية المتن بالكافية ، والشرح بالوافية ، لو لا أن صنيع ابن مالك فى المتن والشرح يغاير صنيع ابن الحاجب كل المغايرة حتى يمكننا أن نقول : إنّ ابن مالك لم يتأثر بغير التسمية ، بل إنه يبدو كالمعارض لابن الحاجب ـ والحالة هذه ـ فكافية ابن الحاجب موجز نثرى مركز فى النحو فقط ، وشافيته موجز نثرى مركز أيضا فى الصرف والخط فقط ، بينما الوافية نظم للكافية فقط ، أما ابن مالك فشافيته نظم مطول فى النحو والصرف جميعا ، ووافيته نثر كالشرح لنظم الكافية الشافية.
٣ ـ الخلاصة المشهورة بالألفيّة :
وهى منظومة من مزدوج الرجز فى نحو ألف بيت أودع فيها خلاصة ما فى «الكافية الشافية» من نحو وتصريف ، وسبقت الإشارة إلى أن ابن مالك ألف الألفية هذه ، وهو فى حماة فى طريق عودته إلى دمشق ، وسميت الألفية ، وله في مطلعها : [من مزدوج الرجز]
وأستعين الله فى ألفيّه |
|
مقاصد النّحو بها محويّه |
كما سميت الخلاصة لقوله فى آخرها : [من مزدوج الرجز]
حوى من الكافية الخلاصه |
|
كما اقتضى غنى بلا خصاصه |
ويجدر بنا ونحن بصدد الحديث عن ألفية ابن مالك ؛ أن نشير إلى أن الرجل قد أفاد فى ألفيته هذه من ألفية ابن معط فى المنهج العام ؛ من حيث سرد القواعد ، واستخدام المناسبة والاستطراد ، وارتباط اللاحق بالسابق ، لكننا نجد فى الحق ـ أن ابن مالك ـ لإمامته وطول اشتغاله فى النحو يمتاز بتشقيق المسائل وتفصيلها فى أبواب ، على حين نرى ابن معط يدمج المسائل الكثيرة تحت الباب الواحد.
ثم إن ابن مالك قد تعدى تأثره بابن معط فى المنهج العام ، إلى استخدام قافية أو ألفاظ بعينها. يقول ابن معط فى العنوان الذى جعله للتوابع : [من مزدوج الرجز]
القول فى توابع الكلم الأول |
|
نعت وتوكيد وعطف وبدل |
ويقول ابن مالك : [من مزدوج الرجز]
يتبع فى الإعراب الاسماء الأول |
|
نعت وتوكيد وعطف وبدل |
فهذا هذا ، لكنّ ابن مالك رجل صنع يجيد الأخذ والتصرف فيه ؛ ومن هذا وغيره