لو كان مرادا لجىء باللام والنون ، فقيل : «والله لأقومنّ» ، وإذا لم يرد إثبات ، تعيّن كون النفى مرادا ؛ إذ لا بد للكلام من أحدهما ، ومن ذلك قوله ـ تعالى ـ : (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) [يوسف : ٨٥] ، أى : لا تزال تذكر يوسف.
ثم أشرت بقولى :
... |
|
ومع سواه دون لبس ذا ندر |
إلى أن نافى الماضى قد يحذف إذا دلت قرينة على إرادة النفى ؛ كقول أمية بن أبى عائذ الهذلى (١) : [من المتقارب]
فإن شئت آليت بين المقا |
|
م والرّكن والحجر الأسود |
نسيتك ما دام عقلى معى |
|
أمدّ به أمد السّرمد (٢) |
أراد : لا نسيتك ؛ فحذف النافى ؛ لأن المعنى لا يصح إلا بتقديره ، ولأنه لو أراد الإثبات لقال : «لقد نسيتك».
وقد يحذف ـ أيضا ـ نافى الجملة الاسمية إذا لم يستقم المعنى إلا بتقديره ؛ كقول عبد الله بن رواحة ـ رضى الله عنه ـ :
فو الله ما نلتم وما نيل منكم |
|
بمعتدل وفق ولا متقارب (٣) |
أراد : ما ما نلتم ، وما نيل منكم بمعتدل. فحذف «ما» النافية ، وأبقى «ما» الموصولة ؛ وجاز ذلك لدلالة الباء الزائدة فى الخبر ، ولدلالة العطف بـ «ولا».
وهذا البيت وبيت أمية غريبان.
ثم أشرت بقولى :
ومع حذف قسم قد يحذف |
|
... |
__________________
(١) أمية بن أبى عائذ العمرى ، شاعر أدرك الجاهلية ، وعاش فى الإسلام ، كان من مدّاح بنى أمية ، له قصائد فى عبد الملك بن مروان ، ورحل إلى مصر فأكرمه عبد العزيز بن مروان ، وأقام مدة بمصر فكان يأنس به ويوالى إكرامه ، ثم تشوق إلى البادية وإلى أهله فرحل ، وهو من بنى عمرو بن الحارث من هذيل.
ينظر : الأعلام : (٢ / ٢٢) ، خزانة البغدادى (١ / ٤٢١).
(٢) البيتان فى خزانة الأدب ١٠ / ٩٤ ، والدرر ٤ / ٢٣٥ ، وشرح أشعار الهذليين ٢ / ٤٩٣ ، وبلا نسبة فى شرح شواهد المغنى ١ / ٩٣١ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٦٣٧ ، وهمع الهوامع ٢ / ٤٣.
(٣) البيت لعبد الله بن رواحة فى الدرر ١ / ٢٩٦ ، ٤ / ٢٤٣ ، وبلا نسبة فى شرح شواهد المغنى ص ٩٣١ ، ومغنى اللبيب ص ٦٣٨ ، وهمع الهوامع ١ / ٨٨ ، ٢ / ٤٢.