يا عمرك الله إلا قلت صادقة |
|
أصادقا وصف المجنون أم كذبا؟ (١) |
وكان الأصل أن يقال : «تعميرك الله» لكن خفف بحذف الزوائد.
وحكى المازنى عن أعرابى : «عمرك الله» ، قال أبو على : والمراد : عمرك الله تعميرا ، فأضاف المصدر إلى المفعول ، ورفع به الفاعل (٢) ؛ كقول الحطيئة : [من الطويل]
أمن رسم دار مربع ومصيف |
|
لعينيك من ماء الشّئون (٣) وكيف (٤) |
وذكر الأخفش فى كتابه «الأوسط» وجه الرفع فقال : أصله : أسألك بتعميرك الله ، أى : بأن يعمرك الله ، وحذفت زوائد المصدر ، والفعل ، والباء ؛ فانتصب ما كان مجرورا بها.
وأما «قعدك الله» و «قعيدك الله» : فقيل : هما مصدران بمعنى المراقبة كـ «الحسّ» و «الحسيس» ، وانتصابهما بتقدير «أقسم» ، أى : أقسم بمراقبتك الله.
وقيل : «قعد» و «قعيد» بمعنى : الرقيب والحفيظ ، من قوله ـ تعالى ـ : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) [ق : ١٧] أى : رقيب حفيظ (٥) ، ونظيرهما «خلّ» و «خليل» ، و «ندّ» و «نديد» ، وإذا كانا بمعنى الرقيب والحفيظ ، فالمعنى بهما الله تعالى.
__________________
(١) البيت للمجنون فى ديوانه ص ٦٧ ، والأغانى ٢ / ٥١ ، وتزيين الأسواق ص ١٠٦ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٥١ ، والدرر ٤ / ٢٥٠ ، وبلا نسبة فى همع الهوامع ٢ / ٤٥.
(٢) ينظر : تفصيل هذه المسألة فى : الأمالى الشجرية : (٢ / ١٠٨ ، ١٠٩ ، ١١٠ ، ١١١).
(٣) الشئون : ما بين قبائل الرأس ، وإنما سميت بذلك لأنها تجارى الدمع. (المقاييس ـ شأن).
(٤) الوكيف : القطر. (المقاييس ـ وكف).
والبيت فى ديوانه ص ٨١ ، والأغانى ١٧ / ١٥٣ ، ١٥٤ ، وخزانة الأدب ٨ / ١٢١ ، ١٢٣ ، ١٢٦ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٣٠ ، ولسان العرب (رسم) ، وبلا نسبة فى أمالى المرتضى ٢ / ٤٧ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٧٠٠ ، وشرح المفصل ٦ / ٦٢.
(٥) وأما قولهم : قعدك أن لا تفعل كذا ، وقعيدك أن لا تقوم وقعدك الله ، وقعيدك الله ، ففيها قولان : أحدهما : أنهما مصدران جاءا على الفعل والفعيل كالحسّ والحسيس ، ومعناهما المراقبة ، فانتصابهما بتقدير أقسم ، فكأنك قلت : أقسم بمراقبتك الله. ولما أضمرت أقسم ، عدّيته بنفسه ، لأن الفعل إذا كان يتعدّى بالخافض وأضمر ، حذف الخافض ، فوصل الفعل فنصب ، كما قال :
أتيت بعبد الله فى القدّ موثقا |
|
فهلا سعيدا ذا الخيانة والغدر |
وهذا قليل ، لأن القياس أن لا يضمر ما يتعدّى بخافض.
والقول الآخر : أن معنى القعد والقعيد : الرّقيب الحفيظ ، من قوله تعالى :