ولا قول من قال : «حبّذا» فعل يرتفع به المخصوص على أنه فاعله» فإن ذلك تكلف ما لا يحتاج إليه من إخراج لفظ مما هو أصله.
قال ابن خروف بعد أن مثل بـ «حبّذا زيد» «حب» : فعل ، وذا : فاعلها وزيد : مبتدأ وخبره : حبذا. هذا قول سيبويه (١) ، وأخطأ عليه من زعم غير ذلك ؛ هذا قول ابن خروف ، وكفى به.
وقال ابن كيسان : «ذا» من قولهم : «حبّذا» إشارة إلى مفرد مضاف إلى المخصوص حذف وأقيم هو مقامه ، فتقدير «حبّذا هند» : حبذا حسنها».
وأشرت بقولى :
وغير «ذا» ارفعه بـ «حبّ» فاعلا |
|
أو جرّه بالبا ... |
إلى أنه يقال : «حبّ زيد رجلا» ، و «حبّ بزيد رجلا» قال الشاعر : [من الطويل]
فقلت اقتلوها عنكم بمزاجها |
|
وحبّ بها مقتولة حين تقتل (٢) |
ولك فى حاء «حبّ» إذا جردت من «ذا» ، الفتح على الأصل ، والضم على أن أصله «حبب» فجعلت الضمة على الحاء ، وأدغمت الباء فى الباء.
وهذا التحويل مطرد فى فاء كل فعل على «فعل» مقصود به المدح.
__________________
(١) وزعم الخليل ـ رحمهالله ـ أن حبذا بمنزلة حب الشىء ، ولكنّ «ذا» و «حبّ» بمنزلة كلمة واحدة نحو لو لا ، وهو اسم مرفوع كما تقول : يا ابن عمّ ، فالعمّ مجرور ، ألا ترى أنك تقول للمؤنّث حبّذا ولا تقول حبّذه لأنه صار مع حبّ على ما ذكرت لك وصار المذكر هو اللازم لأنه كالمثل. ينظر : الكتاب (٢ / ١٨٠).
(٢) البيت للأخطل فى ديوانه ص ٢٦٣ ، وإصلاح المنطق ص ٣٥ ، وخزانة الأدب ٩ / ٤٢٧ ، ٤٣٠ ، ٤٣١ ، والدرر ٥ / ٢٢٩ ، وشرح شواهد الشافية ص ١٤ ، ولسان العرب (قتل) ، (كفى) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٦ ، وتاج العروس (قتل) ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ١٠٨ ، وسر صناعة الإعراب ص ١٤٣ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٨٢ ، وشرح شافية ابن الحاجب ١ / ٤٣ ، ٧٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٤٦١ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٨٠٦ ، وشرح المفصل ٧ / ١٢٩ ، ١٤١ ، وهمع الهوامع ٢ / ٨٩.