أعجب» و «هو أخصر».
وما عد من الشواذ فى التعجب عد من الشواذ فى التفضيل :
فمن الشواذ فى التعجب قولهم : «أقمن به» بمعنى : ما أحقه. ووجه شذوذه أنه بنى من قولهم : «هو قمن بكذا» أى : حقيق به ، وإنما يبنى فعل التعجب من فعل مقيد بالقيود التى قدمت ذكرها ، لا من صفة لا فعل لها ، فلو قيل فى التفضيل : «هو أقمن» لساوى «أقمن به» فى الشذوذ ؛ لأن أفعل التفضيل إنما يبنى مما يبنى منه فعل التعجب.
وفى أمثالهم قولهم : «هو ألصّ من شظاظ» فبنوا «ألصّ» من لفظ «اللّص» دون فعل ، فلو قيل فى التعجب : «ما ألصّه» لساواه فى الشذوذ لأنه مبنى من غير فعل.
ثم بينت أن أفعل التفضيل إذا بنى من فعل على «أفعل» كـ «أعطى» لم يعد شاذّا كما لا يعد شاذّا التعجب منه ، وقد مضى الإعلام بسبب ذلك.
ومن المسموع فى ذلك : «هو أعطاهم للدّراهم ، وأولاهم للمعروف ، وأكرم لى من زيد» أى : أشد إكراما ، و «هذا المكان أقفر من غيره» وفى أمثالهم : «أفلس من ابن المذلّق».
وفى الحديث : «فهو لما سواها أضيع» (١) ، وكما قيل فيما دل على جهل : «ما أحمقه» مع كون فاعله مدلولا عليه بـ «أفعل» ، قيل فيه : «هو أحمق من كذا ، وأرعن ، وأهوج وأنوك» ، وفى المثل : «هو أحمق من هبنّقة».
وقد تقدم الإعلام بأن سبب استثناء «أحمق» ونظائره من المدلول على فاعله بـ «أفعل» شبه «حمق» فى المعنى بـ «جهل» فاشتركا فى الاستعمالين لتقاربهما فى المعنى.
وفى الحديث ـ فى وصف ماء الحوض ـ الذى نرجو بفضل الله وروده فى عافية ـ : «أبيض من اللّبن ، وأحلى من العسل» ، فظاهره أن فيه شذوذا ؛ إذ كاد حقه لكونه من باب «أفعل» المبنى للفاعل أن يقال فيه : «أشدّ بياضا».
__________________
(١) أخرجه مالك (١ / ٦) كتاب وقوت الصلاة : باب وقوت الصلاة ، (٦) ، ومن طريقه البيهقى فى السنن الكبرى (١ / ٤٤٥) عن نافع مولى عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله : «إن أهم أمركم الصلاة فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ، ومن ضيّعها فهو لما سواها أضيع ...».