وإن كان أفعل التفضيل خبرا جيء ـ أيضا ـ بـ «من» جارة للمفضل عليه.
ويكثر الاستغناء عنهما إذا دل عليهما دليل كقوله ـ تعالى ـ : (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى) [الأعلى : ١٧].
وإذا جرد أفعل التفضيل وصاحب «من» لفظا أو تقديرا فلا بد من إفراده وتذكيره كقولك : «زيد أفضل من عمرو» و «الزّيدان أفضل من العمرين» و «الزّيدون أفضل من العمرين» و «عمرة أفضل من هند» وما أشبه ذلك.
ويستوى المجرد والمضاف إلى نكرة فى لزوم الإفراد ، والتذكير نحو : «مررت برجلين أفضل من ذين» و «برجال أفضل من أولاء» او «بامرأة أفضل من ذى» و «بنسوة أحسن من الهندات» ويقال : «هما أفضل رجلين» و «هم أفضل رجال» و «هى أحسن امرأة» و «هنّ أحسن نسوة».
ولا يفصل بين أفعل التفضيل و «من» بأجنبى لأنهما بمنزلة المضاف ، والمضاف إليه بوجه ماولهما شبه بالصفة الناصبة والمنصوب بها ؛ فلذلك حسن انفصالهما بتمييز نحو : «زيد أكثر ما لا منك» ، وبظرف نحو : «أنت أحظى عندى منه» ، وبجار ومجرور نحو : «هو أدنى إلى منك» ومنه قوله ـ تعالى ـ : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) [الأحزاب : ٦] و (نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ) [الواقعة : ٨٥] و (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) [ق : ١٦].
وقد اجتمع أربعة فصول فى قول الشاعر : [من البسيط]
ما زلت أبسط فى عضّ الزّمان يدا |
|
للنّاس بالخير من عمرو ومن هرم |
وقد اجتمع فصلان فى قول الراجز : [من الرجز]
لأكلة من أقط بسمن |
|
ألين مسّا فى حشايا البطن |
من يثربيّات قداد خشن (١) |
__________________
(١) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (قذذ) ، (تقن) ، (خشن) ، (عكا) ، وشرح عمدة الحافظ ص ٧٦٣ ، وشرح المفصل ١ / ٨٢ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٦ ، وتاج العروس (قذذ) ، (خشن) ، (عكا) ، وديوان الأدب ٤ / ٥٤ ، ومقاييس اللغة ١ / ٣٥٠ ، ومجمل اللغة ١ / ٣٣٢ ، والمخصص ١٣ / ٢٤٠ ، و ١٤ / ١٨ ، وتهذيب اللغة ٣ / ٤٠ ، ٩ / ٦٠.