أين المفرّ والإله الطّالب |
|
والأشرم المغلوب ليس الغالب (١)؟ |
وتوجيه هذا على مذهب البصريين : أن يجعل «الغالب» اسم «ليس» ، ويجعل خبرها ضميرا متصلا عائدا على الأشرم ، ثم حذف لاتصاله ؛ كما تقول : «الصّديق كانه زيد» ، ثم تحذف الهاء تخفيفا ؛ كما تحذفها من نحو : «زيد ضربه عمرو» فيصير : «زيد ضرب عمرو».
وأما «بل» : فللإضراب ، وحالها فيه مختلف.
فإن كان الواقع بعدها جملة ، فهى للتنبيه على انتهاء غرض واستئناف غيره ، ولا تكون فى القرآن إلا على هذا الوجه.
وإن وقع بعدها مفرد وليس قبله نفى ، ولا نهى ، فهى لإزالة حكم ما قبلها وجعله لما بعدها نحو : «جاء زيد بل عمرو» و «خذ هذا بل ذلك».
فإن كان قبل المفرد نفى أو نهى ، آذنت بتقرير حكمه ، وبجعل ضده لما بعده ؛ فـ «زيد» من قولك : «ما قام زيد بل عمرو» قد قرر نفى قيامه ، و «عمرو» قد أثبت قيامه ، و «خالدا» من قولك : «لا تضرب خالدا بل بشرا» قد قرر النهى عن ضربه و «بشر» قد أمر بضربه ، هذا هو الصحيح.
ولذلك لم يجز فى المعطوف بـ «بل» و «لكن» على خبر «ما» إلا الرفع ، لأن «ما» لا تعمل إلا فى منفى ، والمبرد يوافق فى هذا الحكم.
ويجوز مع ذلك أن تكون «بل» ناقلة حكم النفى والنهى لما بعدها. وما جوزه مخالف لاستعمال العرب كقول الشاعر : [من البسيط]
لو اعتصمت بنا لم تعتصم بعدا |
|
بل أولياء كفاة غير أوغاد (٢) |
وكقول الآخر : [من البسيط]
__________________
(١) الرجز لنفيل بن حبيب الحميرى فى الدرر ٦ / ١٤٦ ، وشرح شواهد المغنى ص ٧٠٥ ، والمقاصد النحوية ٤ / ١٢٣ ، وبلا نسبة فى الجنى الدانى ص ٤٩٨ ، ومغنى اللبيب ص ٢٩٦ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٣٨.
(٢) الوغد : الدنىّ. ينظر : مقاييس اللغة (وغد).
والبيت بلا نسبة فى الدرر ٦ / ١٣٣ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٣١ ، والمقاصد النحوية ٤ / ١٥٦ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٣٦.