عاطفة وحدها مع كون ما بعد «لكن» مفردا ممنوع ؛ لمخالفته فى الحكم للمعطوف عليه ، وحق المعطوف بالواو إن كان مفردا أن يستوى هو والمعطوف عليه فى الحكم.
فإن كانا جملتين ، اغتفر تخالفهما فى الحكم كقولك : «قام زيد ولم يقم عمرو» و «أكرم خالد وأهين بشر» و «أطع الله ولا تتّبع الهوى».
وزعم ابن خروف : أن المعطوف بعد «لكن» لم يستعمل إلا مع الواو.
وذكر بعض الأئمة : أن يونس لا يرى «لكن» عاطفة ، وكأنه إنما لم يعدها من حروف العطف ؛ لعدم استعمالها غير مسبوقة بواو.
ولم يمثل سيبويه للعطف بها إلا بعد واو فقال : «ما مررت بصالح ولكن بطالح» (١) ، وسمى المعطوف بها وب «بل» بدلا.
وأما «لا» فيعطف بها بعد خبر مثبت أو أمر نحو : «هذا زيد لا عمرو». و «أقصد محمّدا لا بشرا» ، وبعد نداء كقولك : «يا زيد لا عمرو» و «يا ابن لا ابن عمّ».
ومنع أبو القاسم الزجاجي (٢) فى كتاب «معانى الحروف» أن يعطف بـ «لا» بعد الفعل الماضى. وليس منع ذلك صحيحا لقول العرب : «جدّك لا كدّك». وقيل فى تفسيره : معناه : نفعك جدك لا كدك.
ومثله فى العطف على معمول فعل ماض قول امرئ القيس : [من الطويل]
كأنّ دثارا حلّقت بلبوبه |
|
عقاب تنوفى لا عقاب القواعل (٣) |
وجعل الكوفيون من حروف العطف : «ليس» ومن حججهم قول الشاعر : [من الرجز]
__________________
(١) ينظر : الكتاب (١ / ٤٣٥).
(٢) هو عبد الرحمن بن إسحاق أبو القاسم الزجاجى ، صاحب الجمل ، منسوب إلى شيخه الزجاج ، ولزمه حتى برع فى النحو ، وحدث عنه وعن نفطويه وابن دريد وأبى بكر ابن الأنبارى ، وغيرهم ، من تصانيفه : «الجمل» ، «الإيضاح» ، «الكافى» ، «شرح كتاب الألف واللام» ، «شرح خطبة الكاتب» ، وغيرها. مات سنة (٣٣٧ ه) على خلاف.
ينظر : بغية الوعاة (٢ / ٧٧) ، الأعلام (٣ / ٢٩٩) ، وفيات الأعيان (١ / ٢٧٨).
(٣) البيت فى ديوانه ص ٩٤ ، وجمهرة اللغة ص ٩٤٩ ، والجنى الدانى ص ٢٩٥ ، وخزانة الأدب ١١ / ١٧٧ ، ١٧٨ ، ١٨١ ، ١٨٤ ، والخصائص ٣ / ١٩١ ، وشرح التصريح ٢ / ١٥٠ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٤٤١ ، ٢ / ٦١٦ ، ولسان العرب (ملع) ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٤٢ ، والمقاصد النحوية ٤ / ١٥٤ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ٣٨٨ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٢٧ ، ومجالس ثعلب ص ٤٦٦ ، والممتع فى التصريف ١ / ١٠٤.