وكذا حكم المعطوف على ظاهر مجرور بعيد. والنصب فيهما عند عدم العود ، وعدم رفع المحل أجود من الجر ، ولذلك قرأ الأكثرون بنصب : «والأرحام» ، وأجمع على نصب : (مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ) [العنكبوت : ٣٣] ، وعلى نصب : ورسلا قد قصصنهم [النساء : ١٦٤] مع أن من جهة المعنى معطوف على الموحى إليهم ، إلا أنه بعد إذ فصل بـ (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) [النساء : ١٦٣] ؛ فنصب حملا على المعنى.
ولو جر لجاز ، كما جر : (وَقَوْمَ نُوحٍ) فى «الذّاريات» [٤٦] أبو عمرو وحمزة والكسائى ، مع أن بعده من المعطوف عليه أشد ، ومع ذلك فالنصب فيه وفى «الأرحام» أحق.
وقرأ أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد : «والأرحام» بالرفع على الابتداء (١) ، أى : والأرحام مما يجب أن تتقوه وتحتاطوا لأنفسكم فيه.
وعلى هذه القراءة وشببها نبهت بقولى :
... |
|
وقد يرى للرّفع عند ذاك حق |
وأشرت بقولى :
وإن يك المجرور مرفوع المحلّ |
|
فالنّصب فى حكم النّحاة لن يحلّ |
إلى نحو قوله تعالى : (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ) [الأنعام : ٥٩] ، وقرئ بالرفع عطفا على موضع «من ورقة» (٢).
ثم بينت أنه لا حجر فى العطف على ضمير النصب المتصل ، أى : لا يشترط فى العطف عليه ما اشترط فى ضميرى الرفع والجر.
ثم بينت أن الأخفش يرى زيادة الواو والفاء و «ثمّ».
قال ابن برهان : «واعلم أن الفاء تكون زائدة عند أصحابنا جميعا نحو قوله :
[من الكامل]
لا تجزعى إن منفسا أهلكته |
|
فإذا هلكت فعند ذلك فاجزعى (٣) |
__________________
(١) قال أبو الفتح : ينبغى أن يكون رفعه على الابتداء وخبره محذوف ، أى : والأرحام مما يجب أن تتقوه ، وأن تحتاطوا لأنفسكم فيه ، وحسن رفعه ؛ لأنه أوكد فى معناه. ينظر : المحتسب (١ / ١٧٩).
(٢) قرأها ابن أبى إسحاق وابن السميفع. ينظر : الدر (٣ / ٧٩).
(٣) البيت للنمر بن تولب فى ديوانه ص ٧٢ ، وتخليص الشواهد ص ٤٩٩ ، وخزانة الأدب