يريد بـ «مستلئم» : متدرعا ، ولا يعنى إلا نفسه.
وعلى هذا حمل الأخفش «الّذين» من قوله ـ تعالى ـ : (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ)(١) [الأنعام : ١٢].
وأنشد الكوفيون : [من مجزوء الكامل]
فلأحشأنّك مشقصا |
|
أوسا (٢) أويس من الهباله (٣) |
وجعلوا «أوسا» بدلا من كاف «لأحشأنّك» ؛ لأن الذئب يقال له : أوس ، وأويس.
وجعل البصريون «أوسا» مصدر آس أوسة ، بمعنى : عوضة.
ثم بينت أن المبدل من اسم استفهام لا بد من اقترانه بهمزة الاستفهام كقولى :
... من أتى؟ أعامر أم معمر؟ |
|
وما له؟ أدرهم أم أكثر؟ |
ومثله ـ أيضا ـ : «كيف أصبحت؟ أفرحا أم ترحا»؟ و «متى سفرك؟ أغدا أم بعده»؟ و «كم مالك؟ أمائة أم مائتان»؟.
ثم أشرت بقولى :
وبدل كمستقلّ جعلا |
|
... |
إلى أن البدل هو الذى قصد بما نسب إلى المبدل منه ، وأن المبدل منه ذكر توطئة له ؛ ومن أجل ذلك تكثر إعادة العامل مع البدل دون سائر التوابع ؛ ومنه قوله ـ تعالى ـ : (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ) [الأعراف : ٧٥] ؛ وكذا قوله ـ تعالى ـ : (لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ) [الزخرف : ٣٣] ؛ فـ «لبيوتهم» بدل اشتمال من : «لمن يكفر» ، و «لمن آمن» بدل بعض من : «للّذين استضعفوا».
ومع كون البدل كمستقل : عامله هو عامل المبدل منه عند سيبويه ، وإن زعم
__________________
(دجل) ، وبلا نسبة فى المقاصد النحوية ٤ / ١٩٥ (وفيه «المرحل» مكان «المدجل»)
(١) قال الأخفش فى هذه الآية : «فنصب لام «ليجمعنكم» ؛ لأن معنى «كتب» كأنه قال : «والله ليجمعنكم» ، ثم أبدل فقال : «الذين خسروا أنفسهم» ، أى : «ليجمعن الذين خسروا أنفسهم». ينظر : معانى القرآن للأخفش (٢ / ٤٨٢).
(٢) الأوس : الإعطاء والتعويض من الشىء. ينظر : القاموس (أوس).
(٣) البيت لأسماء بن خارجة فى لسان العرب (حشأ) ، (أوس) ، (هبل) ، وتاج العروس ، (حشأ) ، (صيق) ، (هبل) ، وبلا نسبة فى تهذيب اللغة ٥ / ١٣٨ ، ٦ / ٣٠٧ ، ١٣ / ١٣٨ ، ومقاييس اللغة ٢ / ٥٦ ، وديوان الأدب ١ / ٣٨٦ ، والمخصص ٨ / ٦٦.