والجواب على الوجه الأول معارضة وتحقيق ، أما المعارضة فنقول : قولك (وشرطه أن يختص بالفعل) رد إلى جهالة ، إذ لا يعرف اختصاصه إلا بعد الإحاطة ، فما أجاب في المختص ، فهو جوابنا في الغالب. وأما التحقيق فقال نجم الدين : (١) إنه يمكن معرفة ذلك لا بالإحاطة بل بمجرد كون ذلك الوزن قياسا في أحدهما دون الآخر كما يعرف مثلا أن أفعل في الفعل قياس في الأمرين بفعل الكثير الغالب ، كـ (أذهب) و (أحمد) و (أسمع) و (أعلم) و (أرحم) وغير ذلك ، وليس في الاسم قياس في شيء ، كـ (أصبع) وإنما اشترط في وزن الفعل تصدره بالزيادة المذكورة لكونها قياسية في جميع الأفعال المنصرفة دون الأسماء إذ لا فعل منصرف إلا وله مضارع لا يخلو من الزيادة في أوله ، ولا عبرة بغير المنصرف لقلته ، فصارت هذه الزيادة [لاطرادها](٢) في جميع الأفعال دون الأسماء أشدّ اختصاصا بالفعل ، فجرى الوزن وإن كان مشتركا كأفعل إلى جانب الفعل حتى صح أن يقال هو وزن الفعل (٣) ، وأما الجواب على الوجه الثاني ، أما فاعل فلا جواب عليه ، وإما أفعل ، فلا نسلم غلبته في الاسم بل هو في الفعل أكثر ، والدليل على ذلك وجوه : أحدها نقض لقوله : إن أفعل لم يجئ فعلا مضارعا ، إلا في بعض ما جاء فيه (فعل) ، بما اختاره من مذهب البصريين (٤) ، أن أفعل التعجب فعل يبنى مما يبنى منه اسم التفضيل ، فإذا هما سواء في بناء أفعل منهما جميعا ، واختص أفعل الفعلي على الاسمي
__________________
(١) ينظر شرح الرضي ١ / ٦٣.
(٢) في الأصل (لاطراد) ولا وجه لها.
(٣) إلى هنا النقل من نجم الدين ١ / ٦٣ بتصرف.
(٤) ينظر شرح الرضي ١ / ٦٢.