وأما في حال الإفراد فهو لازم سواء كان جنسا أو غير جنس ، والمفرد بالجنس هاهنا يطلق على القليل والكثير ، كالتمر والماء والعسل والمصادر ، لا ما يقابل العلم كـ (رجل وامرأة وفرس) فإنها تجب المطابقة فيه كما تجب في غير الجنس ، وإنما وجب إفراده لأنه يدخل فيه القليل والكثير فاستغنوا بالإفراد عن الجمع لحصول الفائدة ولأنه أخف.
قوله : (إلا أن يقصد الأنواع) (١) يعني أنك إذا قصدت أجناسا مختلفة جاز لك المطابقة وعدمها ، فتقول (عندي أرطال سمونا وعسولا) إذا أردت سمن بقر وغنم ومعز وعسل أبيض ، وأحمر وأزرق ، قال تعالى :
(بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً)(٢) وإن كانا صنفين نحو : أن يكون البعض سمنا ، والبعض عسلا أتي بالواو العاطفة [ظ ٥٦] تقول عندي رطل سمنا وعسلا ، ويجوز حذف الواو ، وتغليب (٣) أحدهما على الآخر.
قوله : (ويجمع في غيره) أي في غير الجنس الذي يطلق على القليل والكثير ، فتقول (عندي جماعة رجالا ، وقمطرا كتبا ، وقنطارا ثوبا) وتجب المطابقة إفرادا وتثنية وجمعا ، خوفا للبس ، وقد يأتي الإفراد حيث لا لبس
__________________
(١) قال الرضي في شرحه ١ / ٢١٩ : (والجنس إما أن يقصد به الأنواع أو لا وعلى كلا الوجهين يجب إفراد التمييز.
(٢) الكهف ١٨ / ١٠٣ وتمامها : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً.)
(٣) التغليب وهو أن يغلب أمر على أمر أي يمتزج به ويعلو عليه ويغلب عليه وهو نوع من الخطاب العربي استعمله العرب ليعبروا به عن الأكثر ليدخل فيه الأقل مثل قوله تعالى : (يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) ولم يقل مع الراكعات مع أن الخطاب لمريم ولكن قال العلماء : على سبيل التغليب لأن واقع الرجال يركعون أكثر من النساء للأعذار العارضة لهن ...) ينظر اللسان مادة (غلب) ٥ / ٣٢٧٩.