الثاني : في قوله : يصح جعله لما انتصب عنه معترض بـ (طاب زيد نفسا) و (كفى بزيد رجلا) فلو أسقط اللام لكان أولى فإن قال هذا [و ٥٨] مما يجب جعله لما انتصب عنه ، قلنا : هذا دور وتعبير عن الشيء بنفسه ، كأنك قلت : إن كان نحو : أن يكون له ، ويجوز أن يكون لمتعلقه فهو له ولمتعلقه.
الثالث : قوله : (لما انتصب عنه) يريد به زيدا ، وهم لا يطلقون ذلك في المفرد إلا على ما به تمام الاسم ، وهو التنوين أو النون أو الإضافة ، ولا يطلقونه في الجملة إلا على الجملة كلها ، لأنه ينصب عنها لا عن الفاعل ، مثلا ألا تراه يقول : هو وغيره لم يقع اللبس في الفعل وحده ، ولا في الفاعل وحده ، وإنما هو في النسبة إليهما ، فلو قال : ثم إن كان يصح جعله تاما انتصب عمن نسب إليه جاز له ولمتعلقه غالبا ، ليخرج (طاب زيد نفسا) كان أولى.
قوله : (ولا يتقدم التمييز) (١) يعني (على عامله مطلقا) وحاصله أنه إن كان تمييز مفرد لم يجز مطلقا ، لا نقول (درهما عشرون) لضعف عامله ، وإن كان جملة ، فإن كان العامل غير متصرف أو مما لا يتقدم معموله عليه ،
__________________
(١) قال ابن الحاجب في شرحه ٤٣ : والأصح أن لا يتقدم على الفعل خلافا للمازني والمبرد ، وإنما امتنع تقديم التمييز عند المحققين مع الفعل لأنه في المعنى فرع عن الفاعل والفاعل لا يصح تقديمه فالفرع أجدر ، والثاني أن الأصل في التمييزات أن تكون موصوفات بما انتصب عنه ، وإنما خولف بها لغرض الإبهام أو لا ثم التفسير ثانيا وتقديمه مما يخل بمعناه فلما كان تقديمه يتضمن إبطال معنى كونه تمييزا لم يستقم ، فإذا امتنع التقديم في الفعل فهو في غيره أجدر ، وينظر شرح الرضي ١ / ٢٢٣ والكتاب ١ / ٢٠٤ ـ ٢٠٥.