أو مما فيه معنى الفعل ، نحو : (لله دره فارسا) و (ويلم زيد رجلا) و (ويحه رجلا) لم يجز مطلقا ، وإن متصرفا لم يجز أيضا عند الجمهور ، لأن أصل تمييز الجملة الفاعل ، والفاعل لا يتقدم على عامله ، لأن معنى قولك (طاب زيد نفسا) (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً)(١) طابت نفس زيد ، واشتعل شيب الرأس ، وقد ينوب المطاوع مناب المطاوع والعكس إذا لم يصح تأويله بالفاعل ، فتقول : (تفجرت عيون الأرض) وملأ الماء الإناء (فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً)(٢) (وامتلأ الإناء ماء) وأجاز المبرد (٣) والمازني (٤) تقدم التمييز على عامله المتصرف ، فتقول : (نفسا طاب زيد) ، وقيل واشترطوا أن لا يكون الفاعل بحرف نحو : (كَفى بِاللهِ شَهِيداً)(٥) واحتجوا على الجواز بقوله :
[٢٤١] ... |
|
وما كان نفسا بالفراق تطيب (٦) |
__________________
(١) مريم ١٩ / ٤ ، وتمامها : (قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا.)
(٢) القمر ٥٤ / ١٢ ، وتمامها : (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ.)
(٣) ينظر المقتضب ٣ / ٣٦ ، والأصول ١ / ٢٢٣ ـ ٢٢٤ ، والهمع ٤ / ٧١.
(٤) ينظر الإنصاف ٢ / ٨٢٨ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ١ / ١٠٦ ، وشرح المصنف ٤٣ ، وشرح الرضي ١ / ٢٢٣ ، والهمع ٤ / ٧١.
(٥) النساء ٤ / ٧٩ وهي بتمامها : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً.)
(٦) عجز بيت من الطويل ، وصدره :
أتهجر ليلى بالفراق حبيبها
وهو للمخبل السعدي في ديوانه ٢٩٠ وله ولغيره ، ينظر المقتضب ٣ / ٣٦ ـ ٣٧ ، والأصول ١ / ٢٢٤ ، والجمل للزجاجي ٢٤٣ ، والخصائص ٢ / ٣٨٤ ، والإنصاف ٢ / ٨٢٨ ، وشرح المفصل ٢ / ٧٣ ـ ٧٤ ، وشرح التسهيل السفر الثاني ١ / ١٠٦ ، وشرح الرضي ١ / ٢٠٤ ، وشرح ابن عقيل ١ / ٦٧٠ ، وهمع الهوامع ٤ / ٧١.
ويروى لعدة شعراء منهم : أعشى همدان ، وقيس بن الملوح ، وقيس بن معاذ ـ وللمخبل السعدي.
والشاهد فيه قوله : (نفسا) حيث قدم التمييز على عامله المتأخر المتصرف وهو تطيب ، ويروى بروايات أخرى مثل ولم تك نفسي ويفوت بها الاستشهاد.