والتكذيب في كلام الله ورسوله كما قيل والكلام الفصيح ، لأن غرض المتكلم إخراج ما يخرج في قصده وإرادته قبل تمام الكلام ، وإنما يلزم التناقض لو كان القيام منسوبا إلى القوم فقط دون [و ٥٩] زيد وليس كذلك ، بل هو منسوب إلى القوم مع قولك (إلا زيدا) والفائدة في الإتيان بالاستثناء تمكين المعنى في النفس كالتأكيد والبدل (١) ، والزيادات والتكرير ، وغير ذلك من التفنن في الفصاحة ، كالحقيقة (٢) والمجاز (٣) والاستعارة (٤) ، وهذا الاستثناء اتفق في جوازه فيما دون النصف ، نقول : (عندي عشرة إلا أربعة) أو إلا ثلاثة أو إلا اثنين أو إلا واحد ، وأما النصف فما فوقه فمنعه أكثر البصريين (٥) ، وأجازه بعضهم ما لم يكن مستغرقا ، لا تقول (عندي عشرة إلا عشرة) ويجوز دون (عندي عشرة إلا تسعة) وأما المساوي ، والأكثر من المساوي فلا يجوز ، وأجازه بعضهم محتجا بقوله
__________________
(١) وقال الرضي في ١ / ٢٢٥ : وقال آخرون وهو الصحيح المندفع عنه الإشكالات كلها كلها ما فروا منه وما لزمهم أن المستثنى داخل في المستثنى منه والباقي بدل البعض داخل في المبدل منه ، والتناقض بمجيء زيد وانتفاء مجيئه في جاء القوم إلا زيدا غير لازم ، وإنما يلزم ذلك لو كان المجيء منسوبا إلى القوم فقط وليس كذلك بل هو منسوب إلى القوم مع قولك إلا زيدا كما أن نسبة الفعل في نحو جاءني غلام زيد إلى الجزأين معا ... فإنه يعرب الجزء الأول بما يستحقه المفرد إذا وقع منسوبا إليه في مثل ذلك الموقع وباقي أجزاء المنسوب إليه يجر إن استحق الجر كالمضاف إليه ، ويتبع إن استحق التبعية كما في التوابع.
(٢) الحقيقة قال الشوكاني في إرشاد الفحول ٤٨ : إنها اللفظ المستعمل فيما وضع له فيشمل هذا الوضع اللغوي والشرعي والعرفي والاصطلاحي وزاد جماعة في هذا الحد قيدا وهو قولهم (في اصطلاح التخاطب).
(٣) المجاز هو : اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي. ينظر المصدر السابق.
(٤) الاستعارة : تشبيه بليغ حذف أحد طرفيه وهي مكنية وتصريحية وتمثيلية وغيرها.
(٥) ينظر رأي البصريين في شرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٩٤٤.