وأمّا الوجه الرابع فيرده ان فهم أهل اللغة لا حجيّة له ، فان الحجّية لو كانت ثابتة لأهل اللغة فهي ثابتة في مقام تشخيص معاني المفردات دون معنى الجمل ، فان ذلك اجتهاد محض منهم.
الاستدلال على الرأي الثاني
وأمّا ما أفاده الفاضل التوني فيمكن ان يوجّه بأنّ الحديث نفى وجود الضرر خارجا ، وحيث ان ذلك كذب فلا بدّ وان نفترض تدارك الضرر الموجود خارجا ، إذ بتداركه يكون وجوده كالعدم فانّ الضرر المتدارك في حكم العدم ، وحيث انّه لا يمكن أن يكون المقصود انّ كل ضرر هو متدارك بالفعل وخارجا ، لأنّ ذلك كذب أيضا ، إذ ما أكثر الإضرار التي لم يتحقق تداركها بالفعل ، فلا بدّ وأن يكون المقصود انّ كل ضرر خارجا هو محكوم شرعا بوجوب التدارك.
وبذلك يثبت ان كل ضرر هو محكوم بوجوب التدارك والضمان شرعا ، أي : نفهم من الحديث جعل الضمان شرعا لكل ضرر.
ولكن من هو الضامن؟
ان الحديث يدل على ان الضرر إذا كان منسوبا إلى شخص معين فهو الضامن ، وهذا ما تدل عليه فقرة لا ضرار ، حيث ان الضرار هو الضرر الملحوظ نسبته إلى الفاعل ، فإذا نفي دلّ ذلك على انه ضامن.
وامّا إذا لم يكن الضرر منسوبا إلى شخص فالضامن هو الدولة أو بالأحرى هو بيت مال المسلمين ، وهذا ما تدل عليه فقرة «لا ضرر» ، لأنّ الضرر هو النقص من دون لحاظ نسبته إلى الفاعل ، فنفيه يدل على وجوب ضمانه وليس الضامن في مثل ذلك إلاّ الدولة ، إذ لا يوجد ما يمكن ان يكون ضامنا غيرها.