البيان الأول
ان الجزء المستحب ليس معقولا في نفسه ، بل الجزء اما أن يكون واجبا أو لا يكون جزءا أصلا ، اما كونه جزءا مستحبا فهو غير معقول ، لأن القنوت مثلا ان كان مقوما لماهية الصلاة ومعتبرا فيها فهو واجب ، وإلا لم يكن جزءا أصلا.
وعليه فإطلاق الجزء على مثل القنوت المستحب مشتمل على المسامحة. وواقع الحال هو ان مثل القنوت مأمور به بأمر استحبابي مستقل ، غاية الأمر هو مستحب في ظرف الصلاة وبعد القراءة في الركعة الثانية فهو مستحب باستحباب نفسي في ظرف الواجب ، ومعه فيكون الدخول فيه كالدخول في أي فعل آخر ليس هو جزء من الصلاة ، فكما انه لا يتحقق التجاوز عن المحل بذلك كذلك في المقام.
وفيه : ان مرتبة القنوت ما دام قد قررها الشارع بعد مرتبة القراءة ، فالداخل في القنوت بعد شكّه في القراءة يصدق عليه انه دخل في غيره.
ودعوى : انه لا يكفي مطلق الدخول في الغير إلاّ فيما اذا كان جزءا.
مدفوعة : بان اعتبار كون الغير جزءا غير لازم بعد ما قرر الشارع له محلا متأخرا عن القراءة.
هذا كلّه اذا سلمنا المبنى المتقدم والحال انه قابل للمناقشة ، لأن ما ذكر خاص بالمركبات الحقيقية ، واما الاعتبارية كالصلاة مثلا فيمكن افتراض كون الشيء دخيلا في الماهية بدرجة ضعيفة تقتضي الاستحباب دون اللزوم ؛ فان الاعتبار سهل المؤونة. كيف وفي المركبات الاعتبارية سلم بامكان أن يكون الشيء جزءا للواجب حالة