ونحن بقطع النظر عن هذه الأمواج السياسية المنحرفة والملوثة ، التي هي بنفسها تستحق المطالعة من جهات متعددة ... نبحث المسألة على أساس أنّها مسألة بنفسها تستحق المطالعة من جهات متعددة ... نبحث المسألة على أساس أنّها مسألة تأريخية وتفسيرية بحتة ، بشكل موجز ومضغوط (كما يقتضيه وضع الكتاب) ليتّضح أن ليس وراء هذا الضجيج أي سند معتبر ، بل هناك شواهد حيّة ضده!.
١ ـ إن الآية محل البحث (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) ليس لها علاقة بأبي طالب كما بيّنا ، وقلنا : إن الآيات التي جاءت قبلها تدل بصورة واضحة أنّها في شأن جماعة من أهل الكتاب المؤمنين ، في مقابل مشركي مكّة.
الطريف أن الرازي الذي يزعم أن الآية نزلت في أبي طالب عليهالسلام بإجماع المسلمين!! يصرّح بأن الآية ليس فيها أقل دلالة على كفر أبي طالب (١).
ولكن مع هذه الحال فلما ذا يصرون فيها على أن يكون أبو طالب عليهالسلام مشركا؟ فهذه مسألة غريبة ومدعاة للدهشة! ..
٢ ـ وأهم دليل لديهم في هذا المجال أنّهم ادعوا إجماع المسلمين على أن أبا طالب مات مشركا!.
في حين أن مثل هذا الإجماع كذب محض لا أساس له ، وهو عار عن الصحة.
فالمفسّر المعروف «الآلوسي» ـ وهو من علماء السنة ـ صرح في تفسير روح المعاني أنّ هذه المسألة ليست إجماعية ، وحكاية الإجماع من قبل المسلمين أو المفسّرين على أنّ الآية المتقدمة نزلت في أبي طالب تبدو غير صحيحة ... لأنّ علماء الشيعة وجمع كثير من المفسّرين يعتقدون بإسلام أبي طالب ، وادّعى أئمّة أهل البيت عليهمالسلام الإجماع على ذلك ، إضافة إلى أن أكثر قصائد
__________________
(١) التّفسير الكبير للفخر الرازي ، ج ٢٥ ، ص ٣.