أبي طالب تشهد على إيمانه (١).
٣ ـ التدقيق والبحث يدل على أن هذا الإجماع المزعوم هو من قبل أخبار الآحاد الذين لا اعتبار لهم ، وفي سند هذه الروايات أفراد مشكوك فيهم كذابون.
ومن هذه الرّوايات ما نقله ابن «مردويه» بسنده عن ابن عباس أن آية (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) نزلت في شأن أبي طالب ، وقد أصرّ النّبي صلىاللهعليهوآله عليه أن يؤمن فلم يؤمن (٢).
في حين أنّ في سند هذه الرواية «أبو سهل السري» الذي عرف بين كبار أصحاب علم الرجال بأنّه من الكذابين الوضّاع السارقين للحديث. كما أنّ في سند هذه الرّواية «عبد القدوس أبو سعيد الدمشقي» وهو من الكذابين أيضا (٣).
وظاهر تعبير الحديث يدل على أن ابن عباس ينقل هذا الحديث من غير واسطة وكان شاهدا على ذلك ، في حين أنّنا نعرف أن ابن عباس ولد قبل الهجرة بثلاث سنوات ، فعلى هذا كان لا يزال رضيعا عند ما مات أبو طالب عليهالسلام ... ومن هنا نستنتج أنّ واضعي الحديث حتى في هذا العمل كانوا مبتدئين وناشئين!!.
وهناك حديث آخر في هذا المجال ينقله «أبو هريرة» إذ يقول : حين دنت وفاة أبي طالب قال له النّبي صلىاللهعليهوآله : يا عم قل : لا إله إلّا الله ، لأشهد لك يوم القيامة عند الله بالتوحيد ، فقال أبو طالب : لو لا أن قريشا تقول إن أبا طالب أظهر الإيمان حال الموت خوفا ، لكنت أشهد بالتوحيد وأقرّ عينيك ، فنزل قوله تعالى : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) (٤).
ويبدو من ظاهر هذا الحديث أن أبا هريرة كان شاهدا على هذه القضية ، في حين أنّنا نعرف أن أبا هريرة أسلم سنة فتح خيبر ، بعد الهجرة بسبع سنين ، فأين
__________________
(١) روح المعاني ، ج ٢ ، ص ٨٤ ذيل الآية محل البحث.
(٢) الدر المنثور ، ج ٥ ، ص ١٣٣.
(٣) الغدير ، ج ٨ ، ص ٢٠.
(٤) الدر المنثور ، ج ٥ ، ص ١٣٣.