مسألة حفظ الدين والمذهب واختيار القائد المعصوم لأجل هذا الهدف ، لا تكون إلّا من قبل الله تعالى (١).
أمّا الآية التي بعدها فتتحدث عن علم الله الواسع ، وهي في الحقيقة تأكيد أو دليل على الإختيار الواسع في الآية السابقة ، إذ تقول هذه الآية : (وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ).
فإحاطته بكل شيء دليل على اختياره لكل شيء ، كما هي ـ ضمنا ـ تهديد للمشركين ، لئلا يظنوا أن الله غير مطلع على سرائرهم ونيّاتهم و «مؤامراتهم».
والآية الأخيرة من هذا المقطع ـ هي نتيجة الحكم ، وتوضيح للآيات السابقة في مجال نفي الشرك ، وهي ذات أربعة أوصاف من أوصاف الله ، وجميعها فرع على خالقيته واختياره.
فالأول : أنّه (هُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ).
فكيف يمكن أن يكون معبود آخر سواه ، وهو الخالق وحده وجميع الإختيارات بأمره وبيده. فمن يتوسل بالأصنام لتشفع له عند الله فهو من المضلين الخاطئين.
والثّاني : أن جميع النعم دنيوية كانت أم أخروية هي منه ، وهي من لوازم خالقيته المطلقة ، لذلك يقول القرآن في هذا الصدد (لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ).
الثّالث : أنّه (وَلَهُ الْحُكْمُ) فهو الحاكم في هذا العالم ، وفي العالم الآخر.
والرّابع : (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) للحساب والثواب والعقاب.
فالله الخالق ، وهو المطّلع ، وهو الحاكم يوم الجزاء ، وبيده الحساب والثواب والعقاب.
* * *
__________________
(١) اصول الكافي. وتفسير علي بن إبراهيم «طبقا لتفسير نور الثقلين ، ج ٤ ، ص ١٣٦».