فاطمة فلم تكلمه حتى ماتت (١)!.
وبالطبع فإنّ هذا الحديث فيه مجال للنقد والطعن من جهات متعددة ، إلّا أنّنا نقتصر في هذا التّفسير على ذكر ما يلي :
١ ـ إنّ هذا الحديث لا ينسجم مع نصّ القرآن ... ووفقا للقواعد الأصولية التي عندنا ، أن كلّ حديث لا يوافق كتاب الله ساقط عن الإعتبار ، ولا يمكن التعويل على أنّه حديث شريف من أحاديث النبي أو المعصومين عليهمالسلام.
ففي الآيات آنفة الذكر ، ورد «وورث سليمان داود» وظاهر الآية مطلق يشمل حتى الأموال .. ونقرأ في شأن يحيى وزكريا (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) «مريم الآية ٦». ولا سيما في ما يخصّ زكريا ، فإن كثيرا من المفسّرين أكّدوا على الأمور المالية!.
إضافة إلى ذلك فإنّ ظاهر آيات الإرث في القرآن المجيد عام ويشمل جميع الموارد.
وربّما كان لهذا السبب أن يفسر «القرطبي» ـ مضطرا ـ الحديث على أنّه غالبا ما يكون كذلك ، لا أنّه عام ، وقال : هذا مثل قولهم : إنّا ـ معشر العرب ـ أقرى الناس للضيف ، مع أن هذا الحكم غير عام (٢).
إلّا أن من الواضح أن هذا الكلام ينفي «قيمة هذا الحديث ...» لأنّنا إذا توسّلنا بهذا العذر في شأن سليمان ويحيى ، فإنّ شموله للموارد الأخرى غير قطعي أيضا.
٢ ـ إنّ الرّواية المتقدمة تعارض رواية أخرى تدلّ على أن أبا بكر صمّم على إعادة فدك إلى فاطمة عليهاالسلام ، إلّا أن الآخرين ما نعوه ، كما نقرأ في سيرة الحلبي : إن فاطمة قالت له : من يرثك؟! قال أهلي وولدي! فقلت : فما لي لا أرث أبي؟. وفي
__________________
(١) صحيح البخاري ـ الجزء الثامن ، ص ١٨٥.
(٢) تفسير القرطبي ، ج ٧ ، ذيل الآيات محل البحث ، ص ٤٨٨٠.