كلام سبط بن الجوزي : إنّه كتب لها بفدك ودخل عليه عمر فقال : ما هذا؟ فقال : كتاب كتبته لفاطمة بميراثها من أبيها. فقال : فما ذا تنفق على المسلمين ، وقد حاربتك العرب كما ترى؟ ثمّ أخذ عمر الكتاب فشقّه (١).
ترى كيف يمنع النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم موضوع الإرث وينهى عنه بصراحة ، ويجرأ أبو بكر على مخالفته؟! ولم استند عمر إلى المسائل العسكرية وحاجة المعارك ، ولم يستند إلى الرواية؟!
إن التحقيق الدقيق ـ في الروايات الآنفة ـ يدل على أن الموضوع لم يكن موضوع نهي النّبي عن الإرث ، كما أثاره أبو بكر ، بل المهم هنا المسائل السياسية آنئذ ، وهذه المسائل هي ما تدعونا إلى أن نتذكر مقالة ابن أبي الحديد المعتزلي إذ يقول : سألت أستاذي «علي بن الفارقي» : أكانت فاطمة ، صادقة؟ فقال : نعم.
قلت : فلم لم يدفع إليها أبو بكر فدك وهي عنده صادقة؟ يقول : المعتزلي : فتبسم أستاذي ، ثمّ قال كلاما لطيفا مستحسنا مع ناموسه وحرمته وقلّة دعابته ، قال : لو أعطاها اليوم فدكا بمجرّد دعواها ، لجاءت إليه غدا وادعت لزوجه الخلافة ولم يمكنه الاعتذار بشيء لأنّه يكون قد أسجل على نفسه أنّها صادقة فيما تدعى كائنا ما كان من غير حاجة الى بيّنة ولا شهود (٢).
٣ ـ الرواية المعروفة عن النّبي الواردة في كثير من كتب أهل السنّة والشيعة «العلماء ورثة الأنبياء» (٣).
وما نقل عنه صلىاللهعليهوآله أيضا «إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما».
يستفاد من مجموع هذين الحديثين أن الهدف الأساس للأنبياء نشر العلم ، وهم يفخرون به ، وأهم ما يتركونه هو الهداية. ومن يحصل على الحظ الكبير من
__________________
(١) سيرة الحلبي ، ج ٣ ، ص ٤٨٨.
(٢) شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد ، ج ١٦ ، ص ٢٨٤.
(٣) صحيح الترمذي ، باب العلم ، الحديث ١٩ ، وسنن ابن ماجة مقدمة الحديث ١٧.
(،) ـ أصول الكافي ، ج ١ ، باب صفة العلم ، الحديث ٢.