لم تخلق خصوصية التناسل في آدم ، لانطوى نسله من الوجود بسرعة!.
ترى أين التراب وأين الإنسان بهذا الهندام والرشاقة؟!
فلو وضعنا خلايا وأستار العين التي هي أدق من ورق الزهور وألطف وأكثر حساسية ، وكذلك الخلايا الدقيقة للدماغ والمخ إلى جانب التراب وقارناهما بالقياس إلى بعضهما البعض ، نعرف حينئذ كم لخالق العالم من قدرة عجيبة ، بحيث أوجد من مادة كدرة سوداء لا قيمة لها هذه الأجهزة الظريفة والدقيقة القيّمة.
فالتراب ليس فيه نور ، ولا حرارة ، ولا جمال ، ولا طراوة ، ولا حس ، ولا حركة ومع ذلك فقد أضحى عجينة الإنسان ولها جميع هذه الصفات ، فالذي أوجد من هذا الموجود الميت التافه موجودا حيّا عجيبا ، لحقيق بكل حمد وثناء على هذه القدرة الباهرة والعلم المطلق (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ).
والآية محل البحث تبيّن ضمنا هذه الحقيقة ، وهي أنّه لا تفاوت بين بني الإنسان ، ويعود جذرهم إلى شيء واحد ، وأصل واحدة وهو التراب وبالطبع فنهايتهم إلى ذلك التراب أيضا.
وممّا ينبغي الالتفات إليه ، أن كلمة «إذا» تستعمل في لغة العرب في الموارد الفجائية ولعل هذا التعبير هنا إشارة إلى أنّ الله له القدرة البالغة على أن يخلق مثل آدم أعدادا هائلة بحيث ينتشر نسلها في فترة قصيرة ـ فجأة ـ ويملأ سطح الأرض .. ويكون مجتمعا إنسانيّا كاملا.
والآية الثّانية من الآيات محل البحث تتحدث أيضا عن قسم آخر من الآيات في الأنفس ، التي تمثل مرحلة ما بعد خلق الإنسان ، فتقول : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها). أي من جنسكم والغاية هي السكينة الروحية والهدوء النفسي
وحيث أن استمرار العلاقة بين الزوجين خاصة ، وبين جميع الناس عامة ،