الانفرادية لجعلها كالفضاء الرحب «المفتوح» ، وعادة فإنّ واحدا من أساليب التعذيب في السجون هو سدّ منافذ الهواء!.
حتى أنّ الهواء لو توقف في المحيطات وهدأت الأمواج ، لأصبحت حياة الحيوانات البحرية مهددة بالخطر على أثر قلّة الأوكسجين ، ويتحول البحر حينذاك إلى مستنقع متعفن موحش!
يقول «الفخر الرازي» إن جملة (وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) مع ملاحظة أن الإذاقة تستعمل في الشيء القليل ، فهي إشارة أن جميع الدنيا ونعمها لا تتجاور الرحمة القليلة ، أمّا الرحمة الواسعة (من قبل الله) فهي خاصة بالحياة الأخرى!.
وفي الآية التالية يقع الكلام عن إرسال الأنبياء إلى قومهم ، في حين أن الآية التي بعدها تتحدث عن هبوب الرياح مرّة أخرى ، ولعل وجود هذه الآية بين آيتين تتحدثان عن نعمة هبوب الرياح له جانب اعتراضي ، كما يذهب إلى ذلك بعض المفسّرين.
ولعل ذكر النبوّة إلى جانب هذه المسائل ، إنّما هو لإكمال البحث المتعلق بالمبدأ والمعاد ، إذ ورد البحث عنهما مرارا في هذه السورة كما قاله بعض المفسّرين.
ويمكن أن يكون وجود هذه الآية إنذارا لأولئك الذين يتمتعون بجميع هذه النعم الكثيرة ويكفرون بها.
وعلى كل حال ، فإنّ الآية تقول : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) أي المعجزات والدلائل الواضحة والبراهين العقلية ، فاستجاب جماعة منهم لهذه الدلائل ، ولم يستجب آخرون لها برغم النصائح (فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) ونصرنا المؤمنين (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ).
والتعبير بـ «كان» التي تدل على أن هذه السنة لها جدر عميق ، والتعبير بـ «حقّا» وبعده التعبير بـ «علينا» هو بنفسه مبين للحق ومشعر به ، جميع هذه