وهكذا لم يدع القرآن حقيقة إلّا وبيّنها عبر مثل ، ولكن الكافرين لن ينتفعوا به لأنهم يجحدون به. بلى. إنّ قلوبهم مغلقة ولا بدّ أن يصبر المؤمنون ، ولا تدعوهم إثارات الكفار إلى العجلة.
بينات من الآيات :
(٥٤) نظرة المؤمن إلى الزمن تختلف عن غيره ، إذ انه يستوحي من التغيرات الطارئة إيمانا ومعرفة بالحقائق الثابتة ، ويستشهد بها على ما سيحدث مستقبلا ، أمّا الكافر فإنّه ليس لا يستوحي من التحولات والتغيرات الطارئة عبرة ، بل وتشوّش رؤيته هذه التحولات أيضا.
إنّ هذا التطور في حياة الإنسان يدل على أنّ الإنسان هو الإنسان نفسه ، ولكن التغيير إنّما طرأ على شيء خارج ذاته ، فالقوة التي كانت ضعفا في الصغر ، وتعود ضعفا في الكبر ليست من ذات الإنسان ، وإلّا لاستمرت معه ، والعلم ليس من ذات الإنسان ، وإلّا لكان يلازمه ، ولكن الله أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئا ، فجعل لنا السمع والأبصار والأفئدة ، وكل شيء فيك سوف يزول.
(اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ)
ولم يكن خلق الإنسان أساسا من مادة الضعف ، لأنّ الله جلّ وعلا يخلق الأشياء بالإرادة الإلهية (كن فيكون) وانما جعله ضعيفا ، لأنّه خلقه من التراب ، أو كان الضعف أساس خلقته ، وواقع ذاته ، جاء في دعاء مأثور عن الامام الحسين (ع):
«أنا الفقير في غناي ، فكيف لا أكون فقيرا في فقري؟! أنا الجاهل في علمي ،