وقد جاء في الأثر : أنّ الفترة بين دعوة موسى واستجابة الله له كانت أربعين سنة.
فقد روي عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال :
أملى الله تعالى لفرعون ما بين الكلمتين أربعين سنة ثم أخذه الله نكال الآخرة والأولى ، وكان بين أن قال الله عز وجل لموسى وهارون : «قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما» وبين أن عرّفه الإجابة أربعون (٢)
ثم يؤكد القرآن أنّ هذه السنة إنّما هي سنّة ظاهرة ، وأنّ السنّة الخفيّة ، والاسم الأعظم بيد الله ، الذي يشاء أن ينتصر الفرس أو ينهزموا ، أو ينهزم الروم أو ينتصروا ، إذا ما غيّر أيّ طرف ما بأنفسهم ـ سلبا أو إيجابا ـ.
(لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)
وهذه الآية تعبير عن كلمة «إنشاء الله» فإذا شاء الله سينتصر الروم على الفرس ، وإن لم يشأ لا ينتصرون ، قال تعالى : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) (٣)
كما أنّ هذه الآية تهدينا إلى سنّة الحريّة التي ضمنها الله للإنسان ليبتليه في الدنيا ، إذ جعل ربّنا لنفسه البداء في كل شيء ولا يكون لايّ شيء فرض حتم عليه ، إلّا ما حتّم على نفسه ووعد به فلا يخلف وعده سبحانه.
(وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ)
بماذا يفرح المؤمنون؟
__________________
(٢) تفسير نور الثقلين / ج (٢) / ص (٣١٥).
(٣) الكهف / (٢٣).