(لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ)
والكتاب يهيئ الفرصة للهداية ، ولا يحققها بصورة إكراه ، فإن شاء الإنسان اهتدى بالكتاب ، وإن شاء جحد.
(٤) ثم يذكر السياق بخلق السماوات والأرض الذي تم في ستة أيّام ، ولعل سائلا يقول : لماذا في ستة أيام وليس عشرة؟ الا أن الجواب الفطري على ذلك أنه لو قال القرآن عشرة أيام لقالوا : لماذا لم تكن ستة؟ وهذا لا ينفي وجود حكمة يعلمها الله تفسر هذا العدد. ومع ذلك فإننا نجد السياق يبين بأن الحساب عند الله يختلف عنه عند الناس إذ يقول : (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) ، وعموما فان في الآية اشارة الى حقيقة التكامل في الخلق.
(اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ)
يتطور خلالها الخلق يوما بعد آخر.
بالاضافة الى دلالة هذه الآية على نظرية التكامل الاسلامية ، فانها تدل على دور الزمن في واقع الأشياء ، إذ هو جزء منها ، وهذا ما نستوحيه من عدة آيات قرآنية من بينها قوله تعالى : (ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى) (٣) أي وبأجل مسمى ، ولعل الباء المحذوفة هنا هي نفسها التي في كلمة بالحق وتعني الاستعانة.
وإذ خلق الله الخلق لم يتركه سدى كما تدعي ذلك اليهود ، مستوحية من النظريات الفلسفية البائدة ، بل هيمن عليه بتدبيره.
__________________
(٣) الأحقاف / (٣).