(ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ)
وهو تعبير عن القدرة والهيمنة. وما دام الكون خلق بإرادة الله ، ويدبر بمشيئته فلا بد أن نتوجه إليه ونعبده ، لأنه لا أحد يقف دون تنفيذ إرادته ، واجراء قضائه.
(ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ)
هذه الحقيقة مغروزة في فطرة الإنسان ، وآياتها مبثوثة في الخليقة ، ولكن ينساها البشر مما يجعله محتاجا الى التذكرة.
(٥) ثم تؤكد الآيات هيمنة الله على الخلق ، وتدبيره له من مراكز أمره في السماء :
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ)
أي يجعله محددا ، وكلمة تدبير مأخوذة من الدبر أي النهاية ، وتدبير الأمور أي معرفة عواقبها ، وما تؤول إليه.
(ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ)
حينما يتدبر الأمر لا يعني أنه انتهى ، بل أن أي عمل يقوم به الإنسان يحدده الله ثم ينتهي اليه عند ما يكتسبه العبد. ونستوحي من هذه الآية أن كل شيء في هذا الكون لا ينعدم ، فالكون يشبه الشريط السينمائي وهو يتحرك مع الزمن ، وما نعتقد حدث وانتهى ليس كذلك ، فهو موجود في هذا الشريط ، ويعود يوم القيامة. قال تعالى : (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ). (٤)
__________________
(٤) الأنبياء / (١٠٤).