الله ويستهزأ بها؟
والجواب : إنّ للإنسان في داخله قوة تبريرية ، تبرّر لضميره فعل السيئات ، فقد يرى ـ مثلا ـ يتيما يمسك قطعة خبز يأكلها ، فيسلبها منه ، ويأخذها عنوة ، ثم يشعر بوخز الضمير ، وعتاب الوجدان ، فيعمل على تبرير عمله ، بمجموعة من الأعذار المعلّبة ، فيقول مثلا : أولا : أنا جائع واليتيم ليس بجائع ، ثانيا : الناس يعطون اليتيم ولا يعطونني ، ومن الذي يقول بأن اليتيم ليس بسارق للخبزة ، وإلّا لما أكلها بعيدا عن الأنظار؟! وأخيرا : من الذي يدّعي بوجود العطف على اليتيم؟! وشيئا فشيئا تتبدّل قيم هذا الإنسان حتى يصدّق قناعاته الجديدة ، فهذا الذي عمل الذنب بدافع الغريزة ـ الجنس ، الجوع ، الخوف .... ـ يفعل الذنب بعدئذ بدافع التعوّد على الذنب نفسه ، فيصبح مجرما محترفا.
وهكذا كان نمرود وفرعون وسائر المستكبرين ، فهم لم يدّعو الالوهيّة من أوّل يوم ، بل استدرجهم الشيطان حتى أنساهم ذكر الله ، وأصبحوا كذلك يكذّبون بآياته ، ويستهزءون بها .. من هنا يجب على الإنسان أن يحسب حساب الخطوة الأخيرة حينما يقرر اتباع الشيطان في الخطوة الأولى ، يقول الله تعالى :
(ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ)
السوأى : مؤنّث الأسوء ، أي كانت عاقبتهم أسوء عاقبة.
ونعوذ بالله فهذا البشر الضعيف الحقير المستكين المحتاج ليس فقط يكذب بآيات الله ، بل ويستهزأ بها.