يخشاهم ، فيدع ما فرض الله له ، أو يترك واجبا من واجباته خوفا منهم ، كما يجب عليه أن يتوقع الضغط عليه من قبل الآخرين ، ومن ثم يستعد لمواجهة هذه الضغوط التي أهونها الدعايات السيئة والعزلة من قبل المجتمع أو السجن والتعذيب أو التهجير من قبل السلطات الفاسدة ، لأن الاستقامة أمام ذلك سوف تنتهي به في الدنيا الى أهدافه وهي الهداية والتغيير ، وفي الآخرة إلى روضات الجنّات.
(الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ)
أمّا من أين يستمد الإنسان الرسالي روح الاستقامة؟ انما من خشية الله التي يقاوم بها إرهاب الناس وضغوطهم ، وأيضا من التوكل عليه الذي يجبر به ضعفه ، وأهم معاني التوكل على الله ـ والذي هو من جوانب العظمة في الإنسان الرسالي ـ العمل لله وتحمل كل شيء في سبيله ، ثم احتسابه عنده ، فهذا يزيده استقامة ومضيا على طريق الرسالة ، والإمام الحسين (ع) حينما ذبح سهم حرملة ولده علي الأصغر تقوّى على المصاب عند ما أعتبره طريقه لرضى الله قال :
«هون علي ما نزل بي انه بعين الله»
(وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً)
فالمؤمن الحقيقي لا يبحث عن مصالحه ولذاته من الرسالة ، بل يبحث عن طرق تحقيقها حتى لو كلفه ذلك الكثير ، بلى. مستعد لتبليغها ، ولو خسر سمعته ومكانته الاجتماعية والسياسيّة وغيرها.