(ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ)
ثانيا : إنّ التمتع بالدنيا الى جانب السعي للآخرة ليس جديدا على الأنبياء والقيادات الرسالية ، إنما هو سنة جرت بها الحياة.
(سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ)
ثالثا : لا بدّ أن نعتقد ـ نحن المؤمنين ـ بأنّ أوامر الله حكيمة ودقيقة ، وهذا يبعثنا نحو التسليم لقضائه ، وهكذا كان واجبا على الرسول الخضوع لفرض الله عليه. ونهايات الآيات التي هي مفاتيح لمعرفة إطارها العام ، تهدينا إلى حكمة الله وانه جعل كل شيء بقدر وحساب ، ولو أنّ الرسول ترك متع الدنيا التي فرضها الله له ، باعتقاد أنّ الآخرة هي الأهم ، لخرجت حياته من التوازن ، فلا بد أن يستجيب لأوامر الله ، فالدّين ليس شيئا يصنعه الإنسان بفكره البسيط ، إنّما يجب ان يتبعه كما هو ، وفي الحديث :
«إنّ الله يحبّ أن يؤخذ برخصة (المباحات) كما يحبّ أن يؤخذ بعزائمه (الواجبات)» (٧)
وحينما أقسم عثمان بن مظعون أن يصوم الدهر نهره الرسول ، وقال له :
«ولكن صم يوما وأفطر يوما»
(وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً)
(٣٩) ثم إنّ صاحب الرسالة والذي يريد ان يكون مبلّغا لها بين الناس ، يجب أن يضع في حسابه معارضة الناس له ولرسالته ، وبالتالي عليه أن يتجاوزهم ولا
__________________
(٧) مستدرك وسائل الشيعة / ج (١) / ص (١٨).