أولئك هم أولوا العلم.
(وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ)
والعلم ـ هنا ـ ليس مجرد المعلومات التي يختزنها الذهن البشري ، ولا الألفاظ المتشابهة التي تتزاحم في ذاكرة المعاجزين من أدعياء العلم ، وإنّما هو ذلك النور الإلهي الذي يشرق على القلب فيجد الحقائق وجدانا ، ويعيها وعي دراية لا وعي رواية ، حتى
يقول أمثلهم هدى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام :
«والله لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا»
(الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَ)
فهم يعلمون الحق ، ويرون ما أنزل الى الرسول ، فيعرفون أنّ ذلك الحق التام الذي لا يشوبه هوى ، ولا يخالطه باطل أو جهل هو هذا الوحي المنزل.
(وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)
والذي يؤتي العلم هو الذي يحيط به ، فيستطيع فهم القرآن ، والتمييز بين الحق والباطل ، بين الدساتير والمناهج الحديثة المضلة وبين الآيات القرآنية ، كما ميّز سحرة فرعون بين حبالهم وعصيهم التي يخيّل للناس أنّها تسعى وبين الآية الحقيقية التي جاء بها نبي الله موسى (ع).
ولعل اختيار اسمي العزيز الحميد ، من بين أسماء الله الحسنى ، جاء انسجاما مع الجو العام للسورة ، التي هي تجليات اسم الحمد ، ولأنّ الإنسان يتطلع الى العزة وحميد الخصال ، فلما رأى أولوا العلم الوحي عرفوا أنّه يحقّق ذلك الطموح.