يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ)
فهم يريدون أولا إسقاط شخصية الرسول (ص) في المجتمع ، حتى يتسنى لهم رفض أفكاره ، وذلك عن طريق إثارة العصبيات الجاهلية ، وأنهم لو أفلحوا في ذلك لأوجدوا هدفهم وهو العداء بين المجتمع وبين الرسول ، بحيث يتخذ المجتمع موقفا مسبّقا تجاه كل ما يصدر عنه من الأفكار ، وكان هذا وراء كفرهم ، الّا أنهم برّروا كفرهم بأن اتهموا الرسول (ص).
(قالُوا ما هذا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً)
حتى لا يسلّم الناس مباشرة للرسالة ، ثم يقوموا بإعطاء المقاييس الخاطئة التي تنتهي الى نتيجة من جنسها ، ولهذا أسموا الرسالة بالإفك المفترى وهو الكذب المحبوك ، ولما اكتشفوا ان الكذب هو ما يخالف الحقيقة ، وان الذي يقوله الرسول (ص) عين الحقيقة ، فكروا في تغيير موقفهم بالبحث عن تسمية أكثر مناسبة من الكذب ، فيها شباهة بالواقع ولو ظاهرا ، حتى يقنعوا المجتمع بأن ما يراه ليس هو الحق ، فلم يجدوا في نظرهم أفضل من تهمة السحر.
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ)
(٤٤) ويبين الله الدافع الحقيقي لهؤلاء نحو تكذيب الرسالة ومعارضتها الا وهو الجهل ، وفي الحديث قال أمير المؤمنين (ع):
«الناس أعداء ما جهلوا» (١)
وجهل المجتمع الذي جاءه الرسول (ص) يتجسد في انعدام الخلفية الفكرية
__________________
(١) بح ج / (٧٨) / ص (١٤).