الأجداث إلى ربّهم ، وكلمة «إذا» تدلّ على المفاجأة.
أي تخرجون كلكم جميعا ، دفعة واحدة ، بمجرد دعوته إليكم دون ان تملكوا قدرة الامتناع والتمرد أو التريث والتباطئ.
(٢٧) والله يبدؤا الخلق بقدرته ، إذا فهو أهون عليه حين يعيده ، وبالنسبة إلى المخلوق فإنّ تقليد شيء مصنوع أسهل من ابتكاره ، أمّا بالنسبة إلى الخالق المبدع فإنّ الأمور لا تقاس بالصعوبة أو بالسهولة ، لأنّ أمره بين الكاف والنون ، (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٢) وإنّما عبّر بأنّه أهون لبيان هذه الحقيقة ، أنّ اعادة الشيء بعد الخلق بذاتها أهون من ابتداع خلقه (حتى ولو كانا بالنسبة إلى قدرة الله سواء) فلما ذا نراهم يؤمنون بأوّل الخلق ، ويكفرون برجعته ، وهي عند الله يسير؟!
ومن هنا قال الحكماء : إنّ الكلمات عاجزة عن التعبير عن ذات الربّ سبحانه ، وإنّما تعبّر عن أسمائه وأفعاله ، وقالوا : خذ الغايات واترك المبادئ ، فإذا قلنا انّ الله رحيم ، فإنّنا لا نعني أنّ لله قلبا ينبض بالحب ، بل انه عند ما يرحم يفعل موجبات الرحمة ، وكذلك عند ما نقول : «هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ» «وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ».
وهو إذ يبدأ الخلق وإذ يعيده هينا لا يمارس لغوبا ولا علاجا ، ولا يحتاج إلى أدوات وآلات ، ولا تجد في خلقه ثغرات أو فطورا ، وكلما مشيت في مناكب أرضه ، وقلّبت وجهك في ملكوت سمواته ، وأنعمت النظر في عظيم تدبيره ، وحسن نظامه ، ومتانة صنعه ، كلّما ازددت بصيرة بأسمائه الحسنى بأنّه الملك القدوس السلام
__________________
(٢) يس / ص (٨٢).