بنعم الله ، وينذرهم الله بأن كفرهم هذا يدعهم خاسرين لتلك النعم في الدنيا ، ولحظّهم في الآخرة.
(لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)
ونستوحي من هذه الآية الحقائق التالية :
أولا : ان حالة التحزب القائمة على أساس الفخر ببعض ما لدى صاحبها من نعم تسبب الكفر بسائر النعم ، فمن بالغ في الفخر بابنائه لا يمكنه ان يتنعم بسائر الشباب في المجتمع ، ومن تطرف في الاهتمام بثقافته وفكر حزبه لم ينتفع بعلوم الناس ومعارفهم ، ومن فرح بما يملكه من مال توقف سعيه ولم يستفد من فرص الاكتساب التي امامه ... وهكذا.
وعادة يصاب المتحزبون بانغلاق فيحرمون أنفسهم من نعم الله في الحياة.
ثانيا : ان الشكر على النعم ليس فقط يحافظ عليها ويزيدها ، وانما أيضا يجعلها هنيئة لصاحبها ، لان وعي النعم غذاء القلب ، ولذة الروح ، بينما الذين يكفرون بنعم الله انما يتمتعون ببعضها ، كما تتمتع الأنعام ولا يهنؤون بها كما يهنئ البشر ، إذ ان توجههم سيكون فقط الى الجانب المادي من النعم ، وينسون الأبعاد المعنوية منها.
ثالثا : ان الكفر بالنعم يكون سببا لزوالها ، بل لتحولها الى نكال ، إذ ان من يتمتع بالنعم فقط سوف لا يراعي حدودها فيفسدها على نفسه ، كمن ينهم بالجنس مثلا لمجرد لذته تراه يسرف فيه حتى يفسد نفسه ، كذلك الّذي يطعم لشهوة الأكل فقط يتجاوز الحد في التهام الطعام مما يفسد معدته ... وهكذا.